المؤمنُ الحقيقيُّ ناخِبٌ واعٍ

عماد حصني Monday April 30, 2018 1638

أمام كلِّ استحقاقٍ انتخابيٍّ، تَبرُزُ، دائمًا، جملةُ تساؤلاتٍ وإشكاليّاتٍ تطرَحُ نفسها على ضمير المؤمن: بأيّة ذهنيّةٍ عليَّ أنْ أتعاطى مع الاِنتخابات وإلى أيّ حدٍّ أتفاعل مع الحملاتِ الاِنتخابيّة؟ كيف أختارُ مِن بين المُرشّحين؟ وما السّبيل كي أنأى بنفسي عن التّجارب والإغراءات والشّرور، الّتي ترافق الِانتخابات عندنا؟تصعُبُ الإجابةُ على هذه التّساؤلات في بلدٍ لا حياةً سياسيّةً حقيقيّةً فيه، وتَعُمُّهُ الفوضى السّياسيّةُ والاجتماعيّةُ والإداريّةُ، وتتراجعُ فيه، بشكلٍ حادٍّ، القِيَمُ والفضائلُ الإنسانيّةُ والأخلاقيّةُ ويسودُ فيه، بشكلٍ كبيرٍ، إلهُ المال. أمام هذا الواقعِ الصّعبِ يحتَارُ المؤمِنُ كيف يواجِهُ ويشهَدُ لإيمانِه في استحقاقٍ كبيرٍ كالانتخاباتِ النّيابيّة.

أسوأُ الحلولِ هو اللَّامبالاةُ والامتناعُ عن المشاركة. شأنُ الوطنِ من صُلبِ إيمانِكَ كمؤمنٍ لأنّه، بالعمقِ، شأنُ كراماتِ النّاسِ والاهتمامِ بمصيرِهم ومستقبلِهم. الِانتخابُ مسؤوليَّتُكَ كمواطنٍ، إن أحسنتَ الِاختيار، تكونُ بذلك تساعدُ في إيصالِ مَن يُمكِنُه تحسينُ ظروفِ البلدِ، وخاصَّةً ظروفِ الفقراءِ والمحتاجينَ والمُهَمَّشين، عبرَ التّشريعِ الجيّدِ والمفيدِ ومراقبةِ أداءِ السُّلطةِ. تغييبُ نفسِكَ عن استحقاقٍ كهذا تقصيرٌ وتخاذلٌ في دورِكَ كمواطنٍ. إن لم تَجِدْ مِن بينِ المُرشَّحين مَن يُقنعُك أو يُعطيك أملًا، لكَ أن تُعبِّر عن استهجانِك من الواقعِ السّياسيّ بورقةٍ بيضاء. الاقتراعُ واجبٌ وطنيٌّ وأخلاقيٌّ لا يجبُ التّخلّي عنه ببساطةٍ.

خيارُكَ الِانتخابيُّ شهادةٌ لِمَن تُصوِّتُ له. لا تنتخبْ مَن لا تعرفُ عنه وعن سلوكيّاتِه. واجبُكَ أن تسأل، تسْتقصي وتبحث، بدقّةٍ، بين المُرشَّحين عمَّن يمتازُ تاريخُهم وحاضرُهم بالطّهارةِ والنَّقاوةِ والضَّميرِ الحيّ. أمرٌ أساسيٌّ وهام أن تتفحص سيرةَ المرشحِ الشخصيّة وتتأكّد من انَّه لا جرائم وارتكاباتٍ قبيحة ومخالفات للقوانين فيها.

لا تسمحْ للشُّعورِ العاطفيّ والاستسلامِ للتّعصُّبِ الطائفيّ أن يقودَاك إلى اقتراعٍ خاطئٍ. احذَرِ الحملاتِ الانتخابيّةَ، لا سيّما الإعلاميّةِ منها، الّتي غالبًا ما تُبَدّلُ وجهَ الحقيقةِ. اجتَهِدْ في البحثِ عن الحقيقةِ طالبًا معونةَ الرّبّ ليأتي خيارُك مَرْضيًّا له، فتنتخب بثقةٍ وهدوءٍ بعيدًا عن أيّ انفعالٍ أو استفزازٍ.

لا تتخلَّ عن حرِّيَّتِكَ في الِاختيار، ولا تسمحْ لأيّ شيءٍ أن يسلبَك إيّاها. تذكّرْ أنّ حرّيّتَك هبةٌ من الخالقِ وليست للبيع. فالخدمةُ المشروطةُ في زمنِ الِانتخابِ، تمامًا كالرّشوةِ الماليّةِ المباشرةِ، سقوطٌ إيمانيٌّ وأخلاقيٌّ عند الرّاشي والمُرتشي. مَن يحاول رشوتَك، مهما كانتِ الطريقة، إنسانٌ سيّئٌ لا يستحقُّ أن توليه مسؤوليّةً وطنيّةً. الرّشوةُ احتقارٌ لكَ.

أقدِمْ على الِاقتراعِ وكنْ متحرّرًا مِن كلِّ ما هو فانٍ . لِتَكُنْ عينُكَ شاخصةً فقط إلى يسوع المصلوب والقائم، وهو وحدُه ينيرُ عقلَك وقلبَك، فتُحسِنِ الاختيار.

 عماد حصني
0 Shares
0 Shares
Tweet
Share