صيفيّة ٢٠١٨، قرّرت طلّع بناتي عا مخيّم حركة الشبيبة الأرثوذوكسية… مخيّم تربّيت عليه من الطّفولة حتى إيّام الجامعة…مخيّم بيذّكرني بأيّام رائعة عشتها مع الأخوة والأولاد… مخيّم عشنا فيه أوقات صلاة، واختبرنا أحاسيس مختلفة من حزن وفرح وتعب ونشاط وجوع وشبع ….وصلّينا وبكينا وضحكنا وزعلنا وفرحنا فيه…
وصلنا عالمخيّم وبلّش قلبي يدّق بسرعة كأنّو أنا اللّي طالعة خيّم بالقصيبة… طلعنا عا أرض المخيّم وبلّشت الذكريات والأحاسيس تتدفّق بقلبي وعقلي… وقتها بس عرفت كمّية الشّوق والحنين اللي جوّاتي لهالمطرح العزيز كتير عا قلبي بكل تفاصيلو:
التراب، اللي بيعرف طفولتي بدعساتها الزغيرة وخطواتها السريعة، كنت مشتاقة إمشي وإركض عليه، وإلحق صوت الولاد اللي بعدني عم بسمعو طالع من خلف الشّجر. هونيك كنا نتخبّى، ونلعب، ويصير الجوع رفيقنا باللّعب ويرافقنا صوب المطبخ مطرح ما كنّا نجتمع حول الطاولة إخوة بالرّب.
بعدها ببالي دموع الولاد اللي كانوا يبكوا أوّل المخيّم بدّهن يرجعوا عالبيت، ويصيروا بعدين يبكوا حتّى يبقوا!
ومن قصيدة “جبران” عشنا هالبيت من دون ما نعرف: هل فرشتَ العشب ليلاً وتلحّفتَ الفضاء؟، لمّا كنّا ننام عالأرض أو نسهر كلّ اللّيل ونحرس، نحنا وعم ننقي أسامي الفِرَق ونألّف صرخاتهن.
إستقبال البنات إلنا، بكل حماس وفرح، رجّعني من ذكرياتي، وشفت حالي طالعة عا سهرة النار. بعيونهن في نور بيشبه كتير النور اللي كان بعيوني لمّا كنت بعمرهن بالمخيّم. ما بقدر إنسى الفرحة عوجه سيلين هيّي وعم بتخبّر أمّها إنّا صارت تعرف تشرب من القنّينة لحالها…ما بقدر إنسى وجه ابنتي الكبيرة كريستيا وهيّي عم بتسلّم علينا معجوقة وعم بتقلّنا نطلع عسهرة النار وهنّي بيلحقونا… ما بقدر إنسى كيف كانت ابنتي الزغيرة أليكسيا عم بتفرجينا عأيّة حجرات بتدعس تما توقع… شفت التعب المجبول بالفرح عند القادة واللّوجستي ومسؤولين الفوج…
خلص المخيّم ومشينا أنا وبناتي حاملين معنا ذكريات أبديّة وهون حسّيت إنّو بناتي عم ببلّشوا المشوار يلّي بلّشتو أنا من حوالي ٣٠ سنة.
وهيك اطّمنت إنو وصلتلن الرّسالة!
٢٥ أيلول ٢٠١٨