كلمة إلى المؤتمر

ريمون رزق Monday October 15, 2018 1808

إنّ أهمّ ما يحدث في المؤتمرات الحركيّة العامّة التي تُعقد سنويًّا، هو لقاء الإخوة من كلّ أنحاء الكرسيّ الأنطاكيّ المقدّس، أوّلاً للصلاة والعيش معًا، ومن ثَمّ للتداول في كلّ ما يعني شهادتهم في مجتمعاتهم المتنوّعة، لنشر كلمة الربّ وجعل وجهه وحده يعلو على كلّ الوجوه، ويصير بكنيسته عروسًا “لا غضن فيها… ولا شيء مثل ذلك”، والوعي أنّ هذه الكنيسة هي موطنهم الحقيقيّ وأنّ كلّ اختلاف بالجنسيّة أو الآراء يذوب فيها لأنّه ليس من لبنانيّ أو سوريّ فيها، بل الكلّ إخوة للمسيح ولبعضهم البعض.

لذلك، ما لم تنغمس المؤتمرات في الإداريّات، وذلك يحدث أحيانًا، فإنَّها دعوة للعودة إلى محبّة الحركة الأولى والعشق الذي تميّز به الأوّلون، والذي تُرجم نارًا في كتابات المطران جورج (خضر) وتكريس الشباب عبر الأجيال للخدمة المجّانيّة مقتنعين بأنّهم “أقوياء وكلمة الله ثابتة (فيهم) وقد (غلبوا) الشرّير”، وأنّ حركتهم لم توجد إلاّ لتقرّب الناس من مخلّصهم وتسهر على أن تكون كنيسته حسب قلبه، شاهدِةً، مُحِبّة، خادمةً تذكّر العالم عبر أقوالها وبخاصَّةٍ عبر حياة أعضائها، أنّها “ضمير العالم”، وأنّها وجدت لتموت في الخدمة كما فعل سيّدها، وليس لأن تتلذّذ بأمور العالم.

لذلك لا بدّ للموتمر الحركيّ من أن يكون مطرح فحص جماعيّ للضمير والمكاشفة و”تأنيب أخويّ محبّ” و”طاعة متبادلة”. كما لا بدّ من أن يصبو الجميع، فيه، إلى ما يجسّد الحركة على حقيقتها، إذ تُشوِّهُ وجهها أحيانًا تصرّفاتُ بعض أعضائها. فالحركة، كما نصّت وثيقةٌ عُرضت على المؤتمر الأخير، “لا هويَّة لها غيرُ الحياةِ في المسيح، ولا نظام لها غير الإنجيلِ مترْجَمًا حياة، ولا هدف سوى التألّه الشخصيّ وتجلّي البشر والكنيسة والعالم”. كما لا همَّ لها غير الحثّ على نهضةٍ أنطاكيّة مستمرّة، والطلب من الربّ أن تكون المحبّة، المرفقة بعدم الإدانة والتخلّي عن المواقف الفوقيّة، هي القانون السائد فيها، وفي الكنيسة، على سائر الأنظمة والقوانين، وأيضًا، الحرص على حسن ممارسة حرّيّة أبناء الله بما تفترض من انضباط واجب في الجماعة واحترامٍ لحرية الآخرين.

ويبقى أنّ على كلّ مؤتمر حركيّ أن يذكّر بتحدّيات العصر، ويبحث في طرق مواجهتها والتعامل معها، ويشدّد على التوبة والصلاة كضرورة تساند كلّ عمل كي يستقيم.

 

 

48 Shares
48 Shares
Tweet
Share48