ببركة وحضور راعي أبرشيّة طرابلس والكورة وتوابعهما للرّوم الأرثوذكس سيادة المتروبوليت أفرام كرياكوس، نظّمت المطرانيّة بالتعاون مع حركة الشبيبة الأرثوذكسيّة، يوم السبت الواقع فيه 29 أيلول 2018، لقاءً للشّباب يحمل شعار “يومُنا…غدنا” في دار المطرانيّة. جمَع هذا اللّقاء 160 شابًّا وشابّة من مختلف رعايا الأبرشيّة بأربعة محاضرين، وقد حضره أيضًا عدد من الآباء والمسؤولين الحركيّين والمؤمنين.
ابتدأ اللّقاء بصلاة الغروب، ألقَت من بعدها مسؤولة العمل البشاريّ في الحركة الأخت ندى الحدّاد كلمة ترحيبيّة شدّدت فيها على دور الشّباب اليوم ورسالتهم في التحضير لمستقبل أفضل، تبِعتها مداخلات المحاضرين.
في البدء، عرض سيادة المتروبوليت أنطونيوس الصوريّ الخُبرات الشبابيّة التي كوّنت شخصيّته المسيحيّة ووضّح كيف يمكن أن نجعل كلمة الرّب مسرى لحياتنا. فذكَر عدّة أشخاص كان لهم أثرٌ كبيرٌ في تكريس نفسه بالكليّة لخدمة الرّب، إذ كانوا قدوةً له بمثاليّتهم وعلومهم ومعرفتهم ومحبّتهم للآخرين وغيرتهم على الكنيسة. وأكّد أن محبّة الإنسان للرّب يسوع واتّكاله عليه قادرة أن تغيّر العالم وتغلبه. لذلك على كلّ إنسان مؤمن أن يتغذّى من كلمة الرّب في الإنجيل فيتّحد به ليصير هو نفسه كلمة الله المتجسّدة.
ثمّ تحدّث النّائب السابق الأستاذ غسان مخيبر عن الخطوات العمليّة التي يمكن القيام بها للإرتقاء بالممارسة السياسيّة وعن مهمّة الشّباب في بناء المجتمع المرجوّ، بالإضافة الى أهميّة الصلاة والليتورجيا كمصدر وحي لكلّ إنسان في عمله. فنصح الشّباب أن يتّبعوا صوتهم الداخليّ أي صوت الرّب، ودعاهم أوّلاً إلى اقتحام الحياة بجرأة والإقدام دون خوف، وثانيًا إلى الإلتزام بأيّ عملٍ خدماتيّ خارج العائلة المباشرة من خلال الإنتساب إلى جمعيّات إجتماعيّة، بيئيّة، ثقافيّة … وحتى الإنخراط في العمل السياسيّ ليحملوا إلى محيطهم إيمانَهم المسيحيّ ويضعوه في خدمة الآخرين فيكونوا “نور العالم” كما قال السيّد المسيح. وحذّر الشّباب من الوقوع في اليأس، إنّما التحلّي بالصّبر والأمل وإيجاد مكانٍ لهم في المجتمع يعكسون فيه نور الرّب ليحصل كلّ اللبنانيين على غدٍ أفضل.
أما الفنّان جورج خبّاز فتكلّم عن كيفيّة تحصين النفس في مواجهة كافّة المشاكل والصّعوبات وأهميّة اكتشاف كلّ إنسان دوره في مسرح الحياة. وشدّد على أنّ الفنّ المسرحيّ الحقيقي يقدّم دائمًا رسائل سامية مذكّراً أنّ الرب يسوع كان يستخدم الفنّ القصصيّ لإيصال رسائله. وقد شجّع الشّباب أن يفتّشوا عن دورهم في الحياة ويكتشفوا مواهبهم وينمّوها ويوظّفوها في المكان المناسب. وأكّد أنّ الأدوار كلّها متساوية ومتوازية وعلى مستوى واحد من الأهميّة لأنها كلّها تساهم معاً في دفع الإنسان والمجتمع والبلد إلى الأمام.
واختتم الدّكتور جورج غندور المداخلات بتناوله الأخطار التي يمكن أن تواجه الإنسان المؤمن في حياته العمليّة والأسلحة التي يمكن أن تساعده على تجاوزها لكي يشهد لمسيحيّته. فعرض ثلاثة أخطار: الخطر الأوّل أن يغرق الإنسان في السعيّ الى تحقيق طموحه الدنيويّ المبارَك وينسى طموحه الأساسيّ في أن يكون قدّيسًا في أيّ قطاع أراده أو طمح إليه.
الخطر الثاني يكمن في أن ينغمس الإنسان في نفسه مفتخراً بما وصل إليه متجاهلاً قيمة كلّ إنسان يتعامل معه، فليس العمل هو الأساس لكنّ القداسة في العمل هي المعيار. الخطر الثالث هو في “التّسطيح” أي التخاذل في اكتساب المعرفة العميقة والثقافة اللّازمة والإنجرار في الحكم الباطل على الآخرين وتصديق كلّ ما يقال. وأكّد الدكتور غندور أنّ السعي إلى القداسة وتغيير العالم يفترض الجديّة وخدمة الآخرين حسب الوزنات والمواهب الممنوحة مركّزاً على دور الجماعة التي تحضن الأخوة وتحصّنهم وترفعهم.
بعدها، أُطلقت حوارات حرّة للشّباب مع المحاضرين ضمن أربع لجان. وبعد عرض تلك اللّجان، كان لسيادة المتروبوليت أفرام كلمةً روحيّة ذكّر فيها الحضور بضرورة مدّ الجسور مع الجميع على مثال الرّب يسوع الذي تواصل مع الأبرار والخطأة وأحبّ الكلّ حتى أعداءه وخدمهم، وشدّد سيادته على دور كلّ إنسان مؤمن في خلاص الآخرين.
وقد تخلّل اللقاء وقفة مع الأخ وسيم وهبه الذي غنّى وأنشد مرافَقاً من الأخ الياس قسطا على آلة الأورغ. وفي الختام، تحلّق الجميع حول مائدة الطعام.
لقاء الشّباب هذا كان حدثاً فريداً ليس باعتباره فقط سابقةً في هذه الأبرشيّة، بل كونه كان منبراً للشّباب للتعبير عن أفكارهم وهواجسهم أمام من يمكن اعتبارهم من صنّاع القرار.