يقولون إنّ الحياة عملٌ متواصل، جِدّ وتعب. بغير هذا لا نعيش. وبأنّك إن رُمتَ أن تحيا، وجب عليكَ ألّا تستكين ما دمتَ تتنفّس. من غير ذلك تموت.
نحن، أعني شبيبة الكنيسة، نعي وندرك بأنّنا موجودون لكي يزهر خلق الربّ فينا ويزدهر. فلقد أعطانا الربّ مذ نفخ فينا الرّوح، موهبة الإبداع وإعادة الخلق انطلاقًا من موارد أقامنا عليها، وقدرة زرعها فينا للبحث عن طرائق التجديد والتجميل. نحن نعرف أنّنا بجهادنا نُحيي الكون كلّ يوم ونُعيده إلى أولى جمالاتِه، إن أصابَته علّة أو فتك به داء الرّكود والكهولة.لكن، مِن أين نستقي طاقتنا؟ من يغذّي نفوسنا؟ ينبوعُنا وقوتُنا الأسمى هو الحبّ طبعًا. وليس لنا إلّاه لكن مقرونًا بالهدوء الداخليّ، بالرّاحة والأمان. فالاضطراب والقلق يُبعدان الحبّ وكلّ النِّعم التي يحملها معه ويجود بها.
أين نحن من هذا الهدوء؟ نعيش سنوات النشاط مثقَلين بحمل الواجبات اللّازمة أو الملزِمة التي تضعنا في إطارٍ نجده يسيّرنا في طرق ضيّقة معروفةِ النهاية، ويمنع عنّا الطرق الأخرى.
قد نرتاح إلى أطرٍ ونُظم، وتفتننا القوانين، إذ لا خطر فيها ولا مجازفة. إلا أنّ بتوقِنا، الشبابيّ، إلى الهروب من كلّ جمود نروي ظمأً روحيًّا، ونسدّ حاجةً مُلِحّةً للتنفّس في مساحات واسعة خارج الحدود المرسومة للمفروض والواجب. ليسَ لاستئثار الفوضى إنّما لكي نرجع إلى أعماقنا، لنختفي فيها، ثمّ نعود فنولَد من جديد، نفوسًا جديدةً سلاميّة، توزّع الفرح على كلّ الناس مهما اختلفوا، في كلّ الطرقات والسبل مهما بَعُدت، وبلغة واحدة تتكسّر تحت عتبتها قواعد اللّغات، لغةٍ ليس في معجمها إلّا الكلمة، المهراق أبدًا من أجل الحبّ. هذا هو التزامي.