«نقّ نيّاتنا»

الأرشمندريت إلياس مرقص Monday August 17, 2020 216

الأرشمندريت إلياس مرقص

نادرًا ما تكون نيّاتنا نقيّة كلّ النقاء، فإنساننا العميق غالبًا ما يكون ذا مصلحة وطالبًا منفعة، سواء مادّيّة أو معنويّة.

«الحقّ الحقّ أقول لكم إنّكم تطلبونني لا لأنّكم رأيتم آيات بل لأنّكم أكلتم من الخبز وشبعتم» (يوحنّا ٦: ٢٦). فقول يسوع: «الحقّ الحقّ أقول لكم» (وهي عبارة لا يقولها المسيح إلّا لتأكيد شيء أساس) يعني الكثير… يعني ربّما أنّ الإنسان في الأساس وربّما كيانيًّا (بعد سقوط آدم) غير صادق (إلّا بنعمة الربّ). وربّما ليس هناك إطلاقًا من عمل مجّانيّ أو فضيلة مجّانيّة.

إنّ بطرس الرسول في رسالته الأولى الجامعة، عندما يذكر سلوانس، يكتب: «قد كتبت إليكم… على يد سلوانس الأخ الأمين (كما أظنّ)» (١ بطرس ٥: ١٢)… وكأنّه بقوله «كما أظنّ» يورد الشكّ في أمانته أو على الأقلّ لا يبعد الشكّ في أمانته.

وداود النبيّ في مزاميره يقول أكثر من مرّة: «ليس من يعمل صلاحًا، حتّى ولا واحد» (مزمور ١٣: ١)… ثمّ «كلّا ولا واحد» (مزمور ١٣: ٣). وذلك أيضًا في (المزمور ٥٢: ٣). ويقول أيضًا: «من ذا الذي يقدر على أن يتبيّن زلّاته، نقّني من زلّاتي الخفيّة» (مزمور ١٨: ١٢).

ويجدر أن يوحي إلينا هذا بأن نتوب (عندما نتوب حقًّا) توبة عميقة، توبة كيانيّة (وإلّا تكون توبتنا غير ذات مفعول لكونها غير صائبة)، طالبين أن يرحمنا الربّ في أعماق أعماقنا… وشاكرين له شكرًا عظيمًا نعمته ورحمته. آمين.

 

المرجع : مجلّة النور، العدد الثالث، ٢٠٠٥.

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share