لا أجد تعريفًا لمهمّة الكاهن أفضل من تحديده بأنّه “خادم الرّعيّة”. التسمية تعني أنّ عليه أن يتشبّه بالربّ يسوع المسيح الذي قال، وتمّم القول:”ما جئت لأُخْدَمَ بل لأَخْدُم”.
ما هي هذه الخدمة؟
قارئ الإنجيل يعرف أنَّ خدمة يسوع للعالم كانت بالكلمة وبالاعتناء بالمحتاجين. كلمة الرّب تشفي من داء الخطيئة، ومن الأنا، ومنها ننطلق للاعتناء بالمحتاجين. لهذا على الكاهن، الخادم، أن يكون ذا علمٍ ومعرفةٍ بالكلمة وبمعارج عيشها.
والاعتناء بالمعوزين، جسديًّا وروحيًّا، هو ترجمةٌ للكلمة. الكلّ بحاجة للَمْسَةِ الرّب الشافية. اجتراح العجائب هو الخدمة بالحبّ. وإطعام الجائع أهمّ من إقامة ميّت، على حدّ قول القدّيس يوحنّا الذهبي الفم.
المشكلة تبرز عندما يصبح دور الكاهن محصورًا بإقامة الخدم على أنواعها، من عماداتٍ وقداديسَ وأعراسٍ وغيرها. هذا الخطر موجود.
الأزمات المعيشيّة والصحيّة التي نعيشها هذه الأيّام، تفرض على الكاهن مراجعة ذاته. قلَّتِ الخِدَمُ واللقاءات مع أبناء الرعيّة. أصبح الوقت مجالًا ليفتّش الكاهن عن وسائل جديدة لمحبّة الرعيّة. الوسائل التقليديّة لا تساعد في هذه الفترة. المحبّة الأولى يجب أن يُعاد اكتشافها، واستنباط أفكارٍ منها للرعاية وتأمين حاجات المعوزين. الزمن زمنُ الغوص في المحبّة.
الربّ يسوع خاطب النّاس بلغة يفهمونها. رعاهم فدخل بيوتهم، وجلس على موائد العشّارين، وحمى الزانية من الرجم، وشفى المُنحنيةَ الظهر، والأهم أنّه كسر السبت. فرفع الكلّ إلى فوق.
لماذا؟
لأن الرّعاية تعني الخروج عن المألوف لإدخال الإنسانِ في أُلفة مع الله.
من هنا، فإنّ التجسّد الإلهي هو أبرز مثالٍ على رعاية الله للإنسان. فالله طأطأ السموات ونزل ليساكن البشر، وضرب خيمته في وسطهم.
الإنسان في نظر الله أهمّ وأقدس من كلّ سبت “يهوديّ”.
حبّذا لو نتعلّم من الربّ معنى قيمة الإنسان، وأن نمتنع عن عرقلة أموره “بسبت” نخترعه، متمسّكين بتطبيق قشور القوانين، فنستطيع عندئذ خدمتَه الخدمَةَ التي تُرضي الرّب.
الأب رامي ونّوس كاهن رعية برمانا