لله نحن

ايليا متري Monday October 11, 2021 1307

الكنيسة، كما يريدها الله ممتدّةً الآن إلى الأبد، هذا ما شكّل رؤية حركة الشبيبة الأرثوذكسيّة. الرؤى لا تُختصَر. لكن، إن أردنا أن نختار قولاً معبّرًا فيها، نقول إنّها وعيُ أنّنا جماعةُ معمَّدين. هذا يعني شيئًا في وجهَين: أنّنا لله، كلّيًّا لله، وأنّنا للإخوة، كلّيًّا للإخوة. ما قاله يسوع عن نفسه: “من أجلهم أقدّس ذاتي”، هو، مسكوبًا على الناس بالنعمة، قول تفور منه مياه المعموديّة. الروح هنا، في المعموديّة، خَتَمَ الناسَ، وقَّعَ عليهم ما يريده هو منهم في هذه الحياة. لا تقرأ الحركةُ بعينَين من تراب. الروح يدلّها على أن تعين الذين انخرطوا في صفوفها على اكتشاف ما كَتَبَ هو عليهم، ليكونوه. هذه هي الرؤية بوضوحها. الناس هنا، مدفوعين بالروح، يقول لهم الروح بفم الأسقف أو في الإخوة مَن هم وما الذي دعاهم إليه.

هذا جعل الحركة لا تميّز في تخصيص الحياة لله بين خدمة وخدمة، أو موهبة وموهبة. كلّنا نزلنا في مياه المعموديّة، إذًا كلّنا يخصّ الله. الكلّ حجر حيّ في كنيسة الله، يسندها، ويسهم في ارتفاعها. عندما قام الإخوة منذ خميسنيّات القرن المنصرم إلى استيطان الديورة، أبحروا إلى العمق في ما اختبروه أوّلاً في وعي المعموديّة في أحضان الجماعة الناهضة. لم يخترع الحركيّون الحياة الرهبانيّة (في أنطاكية). اجترأوا على قبولها بعد أن كشَّفها وعيُ النهضة. فتنهم هؤلاء التلاميذ، تلاميذ يسوع، الذين شهدت لهم الكتب أنّهم “تركوا كلّ شيء، وتبعوه”. ثمّ امتدّ الإخوة، جيلاً بعد جيل، إلى هياكل الكنائس القائمة في خدمة الكهنوت من أجل توزيع الكلمة والخبز وتثبيت حياة الأخوّة في مدًى ينتظر دائمًا أن يُشرق عليه نور المسيح. هذا أنا، أنا ما تحتاج الكنيسةُ إليه.

هذا كلّه أنجبه الوعي أنّ الإنسان، مخصّصًا لله، لا ينفع في شيء إن لم ينفع نفسَهُ بقبوله الله حياةً في تفصيل حياته وتفاصيلها. الحياة لله ومعه تصير هنا. هي إذًا، الوصيّة المثلى التي تبدينا لله، “هذا الجنس لا يخرج إلاّ بالصلاة والصوم”، ثمّ التزام الكلمة ومعانيها في الحياة والخدمة. لا شيء لي، بل لله، هذا أنا. كلّ ما أفعله، فلمجدِهِ وحدَهُ. “مهما فعلتم، قولوا إنّا عبيد بطالون”. “لا لنا، يا ربّ، بل لاسمك أعط المجد”.

في العام ١٩٤٢، قال الإخوة الذين أعطوا أن يؤسِّسوا حركة الشبيبة الأرثوذكسيّة: “هذه الكنيسة جديدةً تريدنا كلّنا جددًا”. قالوا: “التي لك ممّا لك نقدّمها لها عن كلّ شيء ومن جهة كلّ شيء”. هذا قولنا اليوم في هذا الزمان الذي يكاد العالم أن يغدو كلُّه فيه ظهرًا إلى ظهر، بل هذا قولنا لجميع الإخوة إلى نهاية الزمان، لتبقى لنا وجوه تُعطى للسماء والأرض، وليستمرّ أنّنا لله وبعضنا لبعض في استمرار الكلمة التي تأسّس عليها كلّ شيء.

ايليا متري

57 Shares
57 Shares
Tweet
Share57