ليصمت كلّ ذي جسد بشري….( قدّاس سبت النّور)
عشيّة ذلك السّبت صرخ النّاصريّ بصوت عظيم وأسلم الرّوح…زلزلة كبيرة وظلمة عميقة ورعد قويّ…
الخوف عمّ أورشليم، الحزن مَلَأَ قلوب النّاس. أمّه تنوح والنّسوة يبكين. تلاميذه تفرّقوا، اختبأوا، خاب أملهم….الجموع عادوا وَهُم يقرعون صدورهم. الجنود الّذين سقوه خلًّا تقاسموا ثيابه فيما بينهم. منهم من هَزَأ به، تكلّم فيه الجَالِسونَ في الْبابِ والّذين يشربون الخمر ترنّموا به ( مز: ١٢،٦٩ ).
أصحاب القرار عادوا إلى قصورهم ليحتفلوا بفصح مميّز لأنّ كلّ شيء قد انتهى… من كان يهدّد سلطانهم ما عاد موجودًا، الآن هو في القبر وقد ختموا القبر بحجرٍ عظيم….اعتقدوا أنهم ربحوا المعركة والمسيح قد هُزم.
ولكن هذا النّصر كان ظاهريًّا، سطحيًّا، مؤقّتًا، مجرّد حلمٍ لم يتحقّق…لأنّ من بيعَ كعبدٍ رخيص ظهَرَ ملك الملوك وربّ الأرباب.
ليصمت صانعو القرار لأنّ ربّنا هو ربّ الأرباب.
ليصمت المستهزؤون وشاربو الخمر لأنّ كأسنا مليئة من كروم أورشليم العلويّة.
ليصمت الجند والحرّاس لأن الجنود الملائكيّة تنذهل اليوم.
ليصمت الجمع الذي يقرع صدره لأن صدور المؤمنين تستنشق شذا القيامة.
ليصمت التّلاميذ لأن ما سبق ووعدهم به قد تحقّق.
لتصمت النّسوة الباكيات لأنه ظهر للمجدليّة.
لتصمت أمّه وتكفّ عن النّوح لأنّها أضحت أمّا لمعطي الحياة للجميع.
ليصمت الرّعد والبرق لأن مسيحنا هو نسيمٌ عليل.
ليصمت الظّلام لأنّ النّور قد اجتاحه.
لتصمت الزّلزلة لأن من هدَّأَ أمواج البحر استيقظ.
ليصمت كلّ غنيّ لأننا اقتنينا الملكوت.
ليصمت كلّ فقير لأن من أشبع الجموع أصبح مأكلًا للجميع.
ليصمت كلّ ذي سلطان لأن سلطانه كالعشب الذي ينبت على السّطح.
ليصمت كلّ من هو في ضيق وشدّة لأن الجلجلة والصّليب درب القيامة.
ليصمت المرض لأنَّ طبيبنا أقام الموتى.
ليصمت القبر لأنّه ظهر أبهى من كلّ خدرٍ ملوكيّ.
ليصمت الحجر العظيم لأن ملاك رب جعله لا حجم له ولا ثقل.
ليصمت كل ذي جسد بشريّ، ويقف ماثلًا بخوفٍ ورعدة، ولا يفتكر في نفسه فكرًا أرضيًّا البتّة، لأنّ ملك الملوك وربّ الأرباب، يُوافي …
#النور
#سبت_النور
#المطران_حنا_هيكل