بقلم الأخ ابراهيم رزق

من لوحاتٍ قليلةٍ معلّقةٍ على جدران دار مطرانيّة جبل لبنان، تعرّفت على اسم الياس الزيّات الفنّان التّشكيليّ وأحد كبار المتخصّصين في تاريخ وفنّ الأيقونات والمخطوطات والفسيفساء، وأحد المراجع في الفنّ الكنسيّ، إلى كونه أحد مؤسّسي كلّية الفنون الجميلة في دمشق، ومعلّمًا ومرشدًا لمعظم فنّاني الرّسم والنّحت في سوريا. إنجازاتٌ وإبداعاتٌ ومساهماتٌ غنيّةٌ استدعت تكريمه سنة ٢٠١٨ من قِبَل وزارة الثّقافة السّوريّة بمشاركةٍ جامعةٍ تخطّت كلّ الاختلافات.
شُغف الياس الزيّات بالأيقونة وخصوصًا الأيقونة السّوريّة التي يُقصد بها أيقونة المدى الأنطاكيّ الممتدّ على رقعة سوريا ولبنان وفلسطين وبلاد ما بين النهرين وصولًا إلى الشرق… وكيف شكّل المنشأ التدمُريّ لهذا الفنّ البدايات الأولى لفنون الأيقونة المسيحيّة.

وعندما يروي الياس الزيّات تجربته في حركة الشّبيبة الأرثوذكسيّة وتأثّره الكبير بروحانيّة الأرشمندريت المغبوط الياس مرقص، تكون الأيقونة ودورها الشهاديّ حاضرين أيضًا، حيث يتوقّف بشكلٍ خاصّ عند مبادرة أبونا الياس الطلب من الأب صوفيان الرّومانيّ رسم جداريّات دير مار جرجس -الحرف مؤكّدًا أنّ خطوة الأب الياس مرقص كانت منطلقًا لتكليف الرّاهب صوفيان الرومانيّ برسم جدرانيّات كنيسة مار جرجس برمّانا وكنيسة الأربعين شهيدًا في حمص وكنيسة السيّدة في حماه… ومعتبرًا أنّ أبونا الياس أحيا تقليدًا كنسيًّا يقضي بتصوير المشاهد المرسومة على قبّة الكنيسة وجدرانها وأعمدتها، ففي ذلك استدعاء السّماء إلى الأرض في الخدم الروحيّة… ويضيف أنّ هذا التّقليد كنّا قد ابتعدنا عنه نحن معظم الأنطاكيّين…
عبّر المرحوم الياس الزيّات عن توقٍ كبيرٍ إلى الضوء وإلى جوهر الحياة، فكان يجده في الأيقونة وفي روحانيّة الآباء ونجاويهم… وهكذا رافقَنا بنجاوى مرسومة إلى جانب نجاوى المطران جورج خضر المكتوبة والمنشورة في كتاب نجاوى سنة ٢٠١٠.
وللدّلالة عن تعمّق المرحوم الزيّات في كتابة الأيقونة، يكفي أن نقرأ ما كتبه المطران جورج خضر سنة ٢٠١٥: “الله هو الذي يتوجّع بامتياز لأنّه الإحساس بامتياز. الفارق بينه وبين الخلائق في هذا أنّ الألم لا يفنيه. عندي أيقونة لوجه السيّد حقّقها الياس الزيّات الدّمشقي. يسوع فيها في سلامة وفي ألم بآن. كيف استطاع الزيّات أن يكتب هذه الأيقونة؟”
* اللّوحات المرفقة موجودة في دار مطرانية جبل لبنان

