تذكار جامع لوالدة الإله الفائقة القداسة

mjoa Monday December 26, 2022 477

synaxix_mother_of_godهو أقدم الأعياد المعروفة لوالدة الإله، وهو من القرن الخامس الميلاديّ. تُقيمه الكنيسة المقدّسة في اليوم التالي لعيد ميلاد الرّب يسوع لأنّ مريم البتول كانت الأداة التي بها تمّم الله قصده. فمِنها اتّخذ كلمة الله جسدًا ومنها وُلِد. وقد احتدم الجدل في الكنيسة، قديمًا، حول دور مريم الحقيقيّ في إنجاب الطفل الإلهيّ، فقال نسطوريوس، بطريرك القسطنطينية، وأتباعه بأنّ مريم أنجبت إنسانًا ولم تلد إلهًا لذلك أبوا أن يسمّوها والدة الإله واكتفوا بتسميتها “والدة يسوع” أو ما يعادل ذلك من تسميات. أمّا الكنيسة المقدّسة فلم تقبل لمريم البتول تسمية أقلّ من “والدة  الإله”. والسبب كان أنّ الطفل المولود منها هو إيّاه ابن الله الأزليّ. لم تلد مريم جسدًا بل شخصًا. ولم تلد شخصًا آخر غير شخص ابن الله وكلمته الأزليّة. فلو فصلنا بين ما هو ليسوع أو للمسيح وما هو لله لفرّطنا بالتجسّد الإلهيّ وطعنّا بوحدة ابن الله المتجسّد. كلّ ما هو من طبيعتنا البشريّة صار له، صار لشخصه. لذلك بات بإمكاننا، بصورة تلقائيّة، أن نقول أنّ مريم هي والدة الإله. ابن الله هو إيّاه المولود من الآب منذ الأزل والمولود من مريم البتول بالجسد في زمان.
ذكرى الهروب إلى مصر (….) وشاء هيرودوس الملك أن يفتك بالطفل يسوع، فظهر ملاك الرّب ليوسف في الحلم وأمره أن يأخذ الطفل وأمّه ويهرب إلى مصر ويبقى فيها حتّى يقول له. فقام يوسف وانصرف إلى مصر كما أمره الربّ وبقي فيها إلى وفاة هيرودوس. إذ ذاك عاد إلى بلاده فتّم ما قيل بهوشع النبيّ القائل “من مصر دعوت ابني” (هوشع 11 :1).
بقيَ يسوع في مصر ما بين سنة وخمس سنوات على حسب تقدير الدّارسين. لقد ماثل الرّب الإله الناس تمامًا، فقد تعرّض يوسف ومريم والطفل يسوع في هروبهم إلى مصر إلى ما يتعرّض له كلّ إنسان، لأنّه صار إنسانًا بكلّ معنى الكلمة. وبكلمات القدّيس يوحنا الذهبيّ الفم “لو أنّه منذ طفولته المبكّرة أظهر عجائب لما حُسب إنسانًا”. لهذا السبب لم تقبل الكنيسة ما ورد في الكتب المنحولة، المسمّاة أبوكريفية، عن عجائب وغرائب أتاها الرب يسوع وهو طفل. إنّ قوة الله وعنايته تظهران، والحال هذه، في الضّعف البشري. لقد أخلى الله نفسَه وأخذ صورة عبد وصار على مثال الناس، على حدّ تعبير القدّيس بولس الرسول (فيليبي 2 :7).
لم يواجه الرّب الإله الشرّ بالشرّ ولا ألغى ضيقات الناس بل اتّخذها، أي جعلها سبيلًا إليه. مثل ما هذا ما ذكره الرّسول بولس عن الآلام والأخطار التي عبَر بها لأجل البشارة :” … تثقَّلنا جدًّا فوق الطاقة حتّى يئسنا من الحياة أيضًا. لكن كان لنا في أنفسنا حكم الموت لكي لا نكون متّكلين على أنفسنا بل على الله الذي يقيم الأموات” (2 كورنثوس 1 :8 -9). هذه هي حال المؤمنين بالمسيح في كلّ جيل .
ثمّ إنّ خروج الربّ يسوع المسيح طفلًا إلى أرض مصر بارَكها وزَرَع الرّوح فيها وزعزع أصنامها. ها هي الأرض التي عانقها الرّب الإله بجسده وروحه تتحوّل فردوسًا، لا سيّما براريها، لتصير موطنًا للرّهبان أشباه الملائكة. وها هو الذهبيّ الفم يدعو المؤمنين إلى مصر الرّهبنة والشهداء قائلًا: “هلمّوا إلى برّية مصر لتروها أفضل من كلّ فردوس! ربوات من الطغمات الملائكيّة في كلّ شكل بشريّ، وشعوب من الشهداء، وجماعات من البتوليّين … لقد تهدّم طغيان الشيطان، وأشرف ملكوت المسيح ببهائه”.

طروبارية عيد الميلاد
ميلادك أيّها المسيح إلهنا قد أطلع نور المعرفة في العالم لأنّ الساجدين للكواكب به تعلّموا من الكوكب السجود لك يا شمس العدل وأنّ يعرفوا أنّك من مشارق العلو أتيت يا ربّ المجد لك

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share