القدّيس البارّ سمعان المفيض الطيب مؤسّس دير سيمونوس بتراس في جبل آثوس

mjoa Wednesday December 28, 2022 375

martyrsofnicomediaعاش القدّيس في القرن الثالث عشر. ترك حياته في العالم وانتقل إلى الجبل المقدّس آثوس، طلبًا لخلاص نفسه. انضمّ إلى أب شيخ كان متمرّسًا بالنسك صارمًا متطلّبًا فخضع له بالتّمام والكمال كما لله نفسه. أبدى من الطاعة والتواضع والمحبّة والصبر ما رفَعَه إلى درجة عالية من الفضيلة. بات مَحَطّ إعجاب رهبان آثوس واحترام الشيخ أبيه حتّى كفّ الشيخ عن اعتباره تلميذًا له وصار يعامِله كرفيق في الجهاد. لم تحلُ هذا الكرامات له فاستأذن الشيخ وخرج ليعيش وحيدًا. بعدما بحث طويلًا عن مكان يناسبه، اهتدى إلى مغارة ضيّقة رطبة على المنحدر الغربيّ من آثوس، على علو 300 متر عن البحر، فأقام هناك، ليل نهار، عرضة لهجمات الشيطان المتواصلة ليس له ما يدافع به عن نفسه غير الإيمان والرّجاء بالله ودعاء الاسم الحسن لربّنا يسوع المسيح.
وحدث له ذات ليلة، قبل أيّام من عيد ميلاد ربّنا يسوع المسيح، أن رأى نجمًا يهبط من السّماء ليستقرّ فوق صخرة مقابل المغارة التي كان مُقيمًا فيها، وإذ خشي أن يكون ذلك فخًّا من فخاخ أبليس الخبيث الذي كثيرًا ما يظهر بمظهر ملاك من نور، لم يولِ المنظر اهتمامًا بل انصرف عنه إلى صلاته وسجداته. لكنّ المنظر تكرّر على سمعان بضع ليال متتالية، وما أن حلّت ليلة الميلاد حتّى انحدر النّجم فوق الصخرة كما لو كان نجم بيت لحم وصرخ صوتٌ من السماء، كان صوت والدة الإله، يقول: “لا تخف يا سمعان، الخادم الأمين لابني! انظر هذه العلامة ولا تغادر المكان فتجد لنفسك خلوة أكبر كما تشتهي لأنّي أريدك هنا أن تنشىء ديرًا لخلاص كثيرين”. فلمّا سمع سمعان صوت والدة الإله اطمأنّ قلبه وغمرته النشوة فألفى نفسه محمولًا إلى بيت لحم، أفي الجسد أم خارج الجسد؟ الله يعلم. وقف مذهولًا أمام الطفل يسوع مع الملائكة والرّعاة! وإذ عاد إلى نفسه باشر للحال ما دعَته والدة الإله إليه.
وما هي إلّا فترة قصيرة حتّى جاء إلى سمعان ثلاثة أخوة من عائلة تسالونيكيّة غنيّة، سمعوا عنه وعن فضيلته، فألقوا بغناهم عند رجليه، على نحو ما فعل المجوس قديمًا أمام طفل المغارة، وسألوه أن يقبلهم تلاميذ له وجيء ببنّائين، فلمّا عاينوا الموضع ولاحظوا وعورته وخطورة العمل به امتنعوا واتّهموا القدّيس بالجنون، في تلك الساعة جاء أحد الإخوة الثلاثة ليقدّم للبنّائين النبيذ ضيافة، وكان الموضع الذي جلسوا فيه مشرفًا على هوّة، فزلقت رِجل الأخ وسقط من علو، فظنّوه قد مات وتيقّنوا من أنّ ما قالوه عن استحالة العمل في المكان صحيحًا. فجأة وبفعل صلاة قدّيس الله رأوا  الرّاهب يصعد من الهوّة سالمًا معافى وإبريق الخمر في يده والكأس في اليد الأخرى ممتلئة وكأنّه على وشك تقديمها لهم. إذ ذاك تعجّبوا ومجّدوا الله وترهّبوا. ولمّا بدأوا بالعمل تعرّضوا لحوادث عدّة، لكن بنعمة الله، لم يصبهم أيّ أذى.
واكتمل البناء وأخذت أعداد من طلاب الرّهبنة تنضمّ إليه. عاش القدّيس سنين طويلة أنعم الله خلالها عليه مواهب جمّة كصنع العجائب والنبؤة والتعليم، ولمّا حضرته ساعة مفارقته، جمع تلاميذه وزوّدهم بإرشادته ثمّ رقد بسلام.

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share