يختار الإنسان البوصلة الّتي يريد لتوجِّهَ حياتَه على الأرض. البعضُ يختارُ بوصلة السّلطة، آخرون بوصلة المال… أمّا المسيحيّ فيختار بوصلة القدّيسين. القدّيسون هم الّذين يوجّهون سيرَنا نحو المسيح. هم الّذين زئبقُ الكتابِ المقدّس يحرّكهم. هم الّذين أوجدهم الروح القدّس. هم الّذين يحيَون في المسيح.
من هذه الطّينة جاءنا ابنُ مصر أنطونيوس. سمعَ قولَ الربِّ في إنجيله. أطاع الربَّ، فطوّع حياته في الربّ.
لم يخترع أنطونيوس شيئًا جديدًا، بل عاش الجِدّة في المسيح كلّ يوم. عاش التّوبة كلّ يوم. وكأنّي بالقدّيس أنطونيوس يقول لنا: الإنسان يُولد مرّةً واحدة من رحم أمّه، لكنّ المولودَ من رحم التوبة يُولد كلّ يوم.
أنطونيوس الكبير علّمنا أنّ القداسة هي عيشُ التّوبة، وأنّ التّوبة المستمرّة هي عيشُ القداسة. علّمنا ابن مصر أنّ القداسة لا تُكتب بالخوف من الله بل بحروف الحبّ لله.
ومثلما كان بولس الرّسول جسرَ عبور الأمم إليك، هكذا هم قدّيسوك جسرُ عبورنا من أفكارنا الأمميّة إليك.
أنطونيوس مع سائر قدّيسيك يا ربّ هم بوصلتنا إليك، يُرشدوننا إلى أبواب قلبك.
إفتح لنا يا ربّ، إفتح لنا لكي نحيا ونتحرّك ونوجد فيك وحدك. ما من وجودٍ حقٍّ إلّا فيك.