خبَر قطع رأس النبيّ الكريم السابق المجيد يوحنّا المعمدان ورَد في الأناجيل الإزائيّة الثلاثة الأولى، متّى ( 14: 1-12) ومرقص (6: 14 – 29) ولوقا (9: 7-9).
الآمر بقطع رأسِه كان هيرودوس أنتيباس، رئيس الرّبع، القيّم على الجليل والبيريا، وهو ابن هيرودوس الكبير. حكَم كملك ما بين العامين 4 ق.م. و39ب.م. هذا تزوّج من امرأة اسمُها هيروديّا. زواجُه لم تكن تُجيزه الشريعة لأنّ هيروديا كانت امرأة أخيه فيليبّس من جهة أبيه دون أمّه، هذا كان لديه ابنةً من هيروديا اسمها سالومي، وهذه الابنة اسمها لم يرد في الإنجيل ولكنّه ورد لدى المؤرخ اليهوديّ فلافيوس يوسيفوس. يوحنّا النبيّ كان يوبّخ هيرودوس على أفعاله وشروره الّتي كان يفعلها مع هيروديّا، لذا حنَقت عليه وأرادت أن تتخلّص منه لكنّها لم تقدر لأنّ هيرودوس كان يهاب يوحنّا عالِماً أنّه رجلٌ بارّ وقدّيس. انتظرت هذه المرأة الفرصة المناسبة لتسليم يوحنّا إلى القتل لإرواء غليلها. اليوم المناسب كان في عيد مولد هيرودوس حيث صنَع عشاءً ورقصت ابنتها فسُرَّ المتّكئون، لذا تلقّنت من أمّها أن تطلب رأس يوحنا.
يُذكَر أنّ قطع رأس يوحنّا كان في قلعة ماخاروس بقرب البحر الميت وأنّ هيرودوس الملك جرى نفيُه إلى ليون في فرنسا سنة 39م. وإلى هناك تبِعته هيروديّا. كما يُشار إلى أنّ عيد قطع رأس السابق المجيد جرى الاحتفال به في القسطنطنيّة وبلاد الغال(فرنسا) ثمّ انتقل إلى رومية. وهو يوم صوم بخلاف سائر الأعياد.
من أقوال الأباء حول هذا الفعل، قطع رأس يوحنا المعمدان.
القدّيس يوحنا الذهبيّ الفم:
إنّ موقف الملك إجلالاً وخوفاً في آنٍ معاً، وإنّ مهابة هيرودوس دليل على عظمة الفضيلة وتأثير يوحنّا فيه رغم توبيخه له. حتّى الأشرار يُعجبون بالفضيلة ويمدحونها. من هنا في نظر القدّيس الذهبي الفم، حُزن هيرودوس.
القدّيس غريغوريوس بالاماس:
ما كان يقوله مرقص أنّ هيرودوس كان يسمع ليوحنّا معناه، ما يلي:
في الأدوية يحصل ما يناقض التعاليم الروحيّة. نشعر بمرارة الدواء لكنّنا نتناوله بداعي فائدته. أمّا فيما يتعلّق بالتعاليم الروحيّة فهي عذبة ولكن الذين يشتعلون بالرّغبات الشرّيرة لا يتقبّلونها بسبب عداوتها لهم. ربّما كان هيرودوس يسمع له في البداية لكنّه كرِه التوبيخ فنسِيَ النصائح الأوّليّة واتّفق مع هيروديا من أجل القتل. كان يخافُ من الجمع لا بسبب إمكانيّة ثورتهم بل بسبب مجرّد حكمِهم عليه، لأنّهم يعتبرونه نبيّاً. كانت فضيلة يوحنّا مشهورة وكان هيرودوس يحبّ المجد فخاف من حُكم الجمع، لذلك كان يقدّم المديح ليوحنا ظاهريّاً.
طروبارية قطع رأس يوحنّا المعمدان
تذكار الصِّديق بالمديح، فأنت أيُّها السابق تكفيك شهادة الرَّب، لأنَّك ظهرتَ بالحقيقةِ أشرف من كلِّ الأنبياء، إذ قد استأهلتِ أن تُعمَّد في المجاري من قد كُرزَ به. ولذلك إذ جاهدتَ عنِ الحقِّ مسروراً، بشَّرتَ الذين في الجحيم بالإله الظَّاهر بالجسد، الرافع خطيئة العالم، والمانح إيّانا الرَّحمة العظمى.