حركة الشّبيبة الأرثوذكسيّة- مركز طرابلس
لمناسبة صدور كتاب “العظة الحيّة” عن تعاونيّة النور الأرثوذكسيّة للنشر والتوزيع، والذي تناول شهادات سطّرت سيرة المثلّث الرحمات المطران بولس بندلي وما تجلّى فيها من وجوه قداسةِ وخدمةِ ورعايةِ وتواضع، دعا مركز طرابلس لحركة الشبيبة الأرثوذكسيّة الى ندوة حول المطران بندلي يوم السبت 16 أيلول 2023 في الثانوية الوطنية الأرثوذكسية- مار الياس الميناء.
انعقدت النُدوة برعاية سيادة راعي الأبرشيّة المتروبوليت أفرام (كرياكوس) وحضوره، وحضور عدد من الآباء الكهنة، وحضرها الأمين العام لحركة الشبيبة الأرثوذكسيّة المهندس إيلي كبّة وعدد كبير من المهتمّين من مناطق مختلفة.
قدّم للندوة رئيس المركز الأستاذ نقولا بو شاهين فرأى أنّ المطران بولس قامةٌ روحيّة فاحَ عِطر طيبها المقدّس في أرجاء أنطاكيّة، وتحدّى العواصف والأمواج مسلمًا أمره بالكلّية لله دون أن “يفصله ضيقٌ أم مشقّةٌ عن محبّة المسيح”، مضيفًا أنّه ترجم إيمانه تلمذةً وخدمةً للفقراء وافتقادًا للمرضى ورعايةً للشباب والعائلات وارشادًا شاخصًا إلى شهادةٍ للربَ كاملة. وإذ لفتً الأستاذ نقولا، بفرحٍ كبير، إلى إعلان غبطة البطريرك يوحنّا العاشر عن توجّه المجمع المقدّس، في دورته المقبلة، إلى إعلان قداسةِ الأبوين، الشهيدين في الكهنة، نقولا وحبيب خِشّة، لما في التعرّف على القدّيسين من تحفيزِ لكلّ منّا الى القداسة التي تروي عطش الانسان الى اللامحدود وترسخّنا في الرّجاء بالربّ، أشار الى انتظارنا، بشوق، إعلان قداسة كثيرين غيرهما كالمثلثيّ الرحمات البطريرك غريغوريوس الرابع حداد والمطران بولس بندلي والأب إلياس مرقس وآخرين.
بعدها كانت كلمة للسيّدة لور ملكي عبيد، الّتي عرفت المطران بندلي ورافقته سنوات في عمله البشاري ورعايته لبلدتها بشمزين وتأسيس فرع للحركة فيها. تساءلت السّيدة لور كيف للقداسة أن توصف وتوضع في أطر وكلمات وهي كالبريق المُضيء في ظلمة ليلٍ داكن، مشيرةً إلى أنّ القداسة، التي تجلّت في “الأب بولس”، تترك أثرًا عميقًا لا يُمحى وبصمةً مختلفة لا تزول، ونمطًا فريدًا لا مثيل له؛ ففيه تجسّدت المحبّة الخالصة وبذل الذات من دون حساب أو تفرقة ناظرًا الى فوق ممسكًا بالجميع ليشدّهم الى المصلوب. وبعد أن ذكرت بعضَ شهادات عن رعايته ومتابعته الدؤوبة للجميع وترفّعه عن المال والاقتناء، والسِحر الذي، فيه، شدّ المعوزين والمحتاجين إليه، أنهت بأنّ “الأب” بولس ما وعظ وما أرشد يومًا بغير ما شعّ في حياته من نور المسيح، وأنّ أبناء رعيّتها الذين أحبّوا المطران بولس وكرمّوه افتخروا بأنّهم حظوا بأفضل قدّيس.
وحيث إنّ السفير الدكتور محمّد عيسى والسيدة أوديت البايع اعتذرا عن المشاركة حضوريًّا لأسباب إضطراريّة خارجة عن ارادتهما، تلا الأخ شفيق حيدر كلمتيهما. عادت السيدة بايع الى زمن مقاعد دراستها حيث أضاءت على الاهتمام الأبويّ الذي كان يكنّه المطران بولس للتلاميذ، وصبره معهم ومحبّته الكبيرة لهم ومتابعته لأدقّ ما يتعلّق بهم وبنجاحهم الدراسيّ الأمر الذي أحببهم بمادة “الفيزياء” التي كان يعلّمها وأشعرهم دائمًا بأنّهم مركز اهتمامه.
وفي السّياق نفسه، عرّج السفير عيسى، في كلمته، على “الأستاذ سيزار بندلي”، الذي كانَ أبًا حنونًا ومرجعًا صالحًا لكلّ طالبٍ وطالبة ومعلّم ومعلّمة، ملبّيًا كلّ حاجة لهم ذاكرًا ما تحمّله الأب بولس من عناء لحلّ مشاكل الكثيرين وصعوباتهم.
بعدها كانت كلمة للأب جوزف الخوري كاهن رعيّة سيدة البشارة في مدينة العبدة، عكّار، والذي ترسّخ التزامه قضيّةَ الربّ، وانخرط في الكهنوت، بفعل مرافقته للمطران بندلي وتأثّره به. ذكّر الأب جوزف بمآثر الراحل، بشهادات عديدةِ حيّة، مضيئًا على وجوه القداسة التي عرفها في المطران بولس بدءًا من جهاده الرعائيّ والصلاتيّ الكبير وتواضعه الذي تجلّى في كلّ تصرّف وموقف له، وحرصه على عدم إدانةِ أحد وتخلّيه وانسحاقه أمام الفقراء، وهي السّمات، في الراعي، التي قلبت وجه الأبرشيّة وملأتها بالحيويّة الشبابية والكنائس والمؤسّسات، خاتمًا بالاعتذار من “الوجه المُضيء، الحيّ، في رقاده” لما لحقه من ظلمٍ في رعيّته.
وقبل أن يختتم راعي الاحتفال المتروبوليت أفرام (كرياكوس) النُدوة، طلبَ مقدّم الندوة من السيّد رينيه أنطون، الذي نسّق كتاب “العظة الحيّة” وجمعه ومهّد له، التّعليق. فشدّد السيّد رينيه، في سياق تعليقه الموجز، على أنّ ثقة المطران بولس بالله وبوعده واتكّاله المُطلق عليه جعلته يتخلّى عن كلّ شيء ويسخّر، حتّى الاستشهاد، كلّ علمه وفكره وطاقاته الجسديّة لخدمة الربّ في كنيسته والبشارة به ليكون للرعيّة الخلاص، مشيرًا الى أنّ جسدَه، الذي أُرهِق لأسباب تتعلّق بروحه الرسوليّة وحياة كنيسته الأنطاكية وأزماتها، انّما انفجر حبًّا بيسوع المسيح. وختم مذكّرًا بمسؤوليتنا، جماعةً وأفرادًا، عن حِفظ وجوه القداسة في كنيسة المسيح لئلّا يمحوها غبار العالم والتاريخ، مشدّدًا على أننا سنُسأل جميعًا، يوم نقف أمام وجه االربّ، بطاركةً وأساقفةً وكهنةً وشمامسةً ورهبانًا وراهبات وعلمانيّين، عن هذه المسؤولية وعمّا إذا ناصَرْنا، بحجب هذه الوجوه، مفاهيمَ العالم في كنيسة المسيح على مفاهيم كتابه.
ختامًا كانت كلمة للمتروبوليت أفرام الذي تأمّل في وجهين من وجوه القداسة في صاحب المناسبة. الأولّ إقدام المطران بولس على طلب الاعتراف منه يوم كان كاهنًا أثناء خدمته لسهرانيّة صلاتية في أبرشيّة عكّار حيث أدلى له باعترافه بما كان يؤلم ضميره الايمانيّ ممّا يظنّه خطأ تصرّف من قبله (ذكرت احدى الشهادات أنّ بعض المشاركين في السهرانيّة لحظوا ذلك). والثاني وقوف المطران بولس، دون جلوس، في إحدى السهرانيّات التي كان يخدمها الأب أفرام لساعاتٍ طويلة، ومن ثمّ إصراره على مرافقته، والسائق، من عكّار الى الدير في بسكنتا ليلاً والعودة فورًا إلى عكّار.
هذا وقد تخلّل عرض الندوة عرض فقرات إعلاميّة قصيرة عن المطران بندلي، وبصوته، أعدّتها الآنسة ميراي مكاري ومقتطفات من صور للمطران بولس بندلي أعدّها الأستاذ عصام صليبا .