وُلدت القدّيسة تقلا في مدينة إيقونية، في آسيا الصّغرى، من أبوَين وثنيَّين. وما أن بلغت الثامنة عشرة من عمرها حتّى خطّبها ذووها إلى شابّ اسمه تاميريس. لكنّها لم تتزوّج لأنّ الرسول بولس مرّ برفقة برنابا بإيقونية مبشّراً بالإنجيل، فاصطادها الربّ الإله بكرازته، فآمنت بالمسيح يسوع مخلّصاً. اعترفت تقلا لأمّها بأنّها لم تعد ترغب في الزواج وأنّها قد نذرت نفسها للربّ يسوع المسيح، فحاولت أمّها ثنيَها عن عزمها، لكن دون جدوى. تحدّثت إليها بالحسنى فأبَت، فأشبعَتها ضرباً فثبتَت. حرمَتها الطّعام فأصرّت. فازداد غضبُ أمّها وودّت لو قتلتها. لأنّه كيف لها أن تمحو عار ابنتها بين الناس!؟ فأخذتها إلى والي المدينة وحاول هذا، بكلّ الطرق الممكنة، أن يردّها عن قرارها، فرأى فيها إرادة صلبة ثابتة لا تلين، فهدّدها أن يلقيها في النار حيّة فلم تأبَه، فأمَر بإيقاد نار شديدة وألقاها فيها فحفظها الله سالمة من كلّ أذى. استطاعت أن تفرّ من المدينة وتبعَت الرّسول بولس وجاءت معه إلى أنطاكية. في أنطاكية واجهت استشهادها الثاني. فلقد وقع عليها نظر رجل من أثرياء القوم في المدينة، فحاوَل خطفها وإذلالها، فقاومته بضراوة. وإذ أراد أن ينتقم لكرامته المجروحة وشى بها لدى الوالي أنّها مسيحيّة، فحكَم الوالي عليها بالموت، وألقاها للوحوش فلم تمسّها بأذى، فحاول مرات عدّة إلا أنه لم ينجح فأطلقها حرّةً. وهكذا انطلقت قدّيستنا تقلا تبشّر في سلفكية الشام أي معلولا حيث أقامت هناك ناسكة في مغارة، وقد أعطاها الربّ موهبة شفاء المرضى، فتدفّق عليها الناس. هذا الأمر لم يرق لأطبّاء المدينة فأرسلوا رجالاً لإذلالها فهربت منهم ورفعت الصلاة إلى الربّ واستغاثت به، فانشقّت الصّخرة ودخلت فيها، فكانت الصخرة مخبأً لها ومدفناً. ويُظنّ أنّ رقادها كان حوالي العام 90م. وهي أولى الشهيدات المسيحيّات.
طروبارية القدّيسة تقلا
يا تقلا البتولُ أولَى الشَّهيدات، قد ألهبكِ حبُّ السَّماوات. حينَ صرتِ لبولسَ الإلهي، خيرَ رفيقةٍ وضحيّةً مقبولة، لا تخافُ من شدَّةِ العذابات. فيا مجيدة إبتهلي إلَى ختَنِكِ، أن يمنحَ الكنيسةْ الرَّحمةَ العظمى.