تذكار القدّيسة أمّنا البارّة بيلاجية (+461م)

mjoa Sunday October 8, 2023 262

pylagia وُلدت القدّيسة على الوثنيّة في مدينة أنطاكية العظمى، والقدّيسة الشهيدة بيلاجيا الأنطاكيّة، النّاسكة بيلاجيا تسمّى “المجدليّة الثالثة” بعد القدّيسة مريم المصريّة التي دُعيت بـ”المجدليّة الثانية”. تحوّلت هذه الفتاة من حياة الشرّ والدّنس إلى الحياة التَّقَويّة النُسكيّة بقوّة إلهيّة فائقة. تعيّد لها الكنيسة في 8 تشرين الأوّل (رقدَت حوالي عام 460م). يصعب وصف دور بيلاجية التي عاشت في أنطاكية في القرن الخامس، لا همَّ لها إلّا اقتناص الرّجال لممارسة الشرّ وتقديم كلّ غالٍ وثمينٍ عند قدميها. كانت تسير في شوارع المدينة بموكب، تمتطي بغلاً أبيض وترتدي ثوبًا خليعًا يبرز مفاتن جسمها، خاصّة وأنّ الله وهبها جمالاً رائعًا، استخدمته لاصطياد النّفوس لحساب الشرّ. كانت تتزيّن بالجواهر الثمينة والحليّ لتعلن دلالها وترَفها. انعقد مجمعٌ في أنطاكية بدعوة من بطريركها حضَره مجموعة من الأساقفة من بينهم الأب نونيوس. وكانت المدينة كلّها تتحدّث عن هذه الفتاة التي حطّمت نفوس الكثيرين حتّى من المسيحيّين. إذ جلس الأب الأسقف مع زملائه قال: “لقد سررت جدّاَ أن أرى بيلاجية، فقد بعثَها الله درسًا لنا. إنّها تبذل كلّ طاقتها لتحفظ جمالها وتمارس رقصاتها فتُسِرّ الناس، أمّا نحن فأقلّ غيرة منها في رعاية أبرشيّاتنا والاهتمام بنفوسنا”. في اللّيل إذ دخل الأسقف مخدَعه كانت نفسه متمرّرة من أجل هذه المرأة التي يستخدمها العدوّ لغواية الكثيرين، فصار يبكي بمرارة لكي يحرّرها الله من هذا الأسر ويهبها خلاصًا. وفي اللّيل إذ نام حلم أنّه يخدم ليتورجية الإفخارستيا (القدّاس الإلهي)، وإذا به يرتبك لاًنّ طائرًا قبيح المنظر صار يحوم حول المذبح. وعندما صرف الشمّاس الموعوظين عند بدء قدّاس المؤمنين انطلق أيضًا الطائر، لكنّه دخل إلى غرفة المعموديّة عند باب الكنيسة، ثمّ غطَس في المياه ليخرج حمامة بيضاء كالثلج انطلقت نحو السّماء واختفَت. في الصباح، إذ كان يوم أحد، وقف الأب الأسقف يعظ عن الدينونة الرّهيبة، وإذ كانت بيلاجية حاضرة مع أنّها لم تكن قد انضمّت إلى صفوف الموعوظين، شعرَت كأن الله يوبّخها، يُرسِل لها كلمة وعظ شخصيّة فبدأت تبكي بدموعٍ مُرّة، وبعد العظة، انطلقت إلى الأسقف تسجد لله حتى الأرض وتطلب صلاة الأسقف عنها. إذ رأى الكلّ صِدق توبَتها قدّم لها البطريرك الأنطاكيّ شمّاسة تدعى رومانا تتعّهدها روحيًّا، وإذ نالت سِرّ العماد، بقيَت في ثوبها الأبيض أسبوعًا كاملاَ كعادة الكنيسة الأولى تمتزج دموع توبتها بفرحها الداخليّ العميق من أجل غنى مراحم الله . لقد تعلّقت الشمّاسة بها جدًّا رغم قلّة مدّة تعارفها عليها حتى لم تحتمل فراقها بعد ذلك.  في اليوم الثّامن من عمادها، جاءت بكلّ ما تملكه وألقته عند قدميْ الأسقف نونيوس لتوزيعه على الفقراء، ثمّ استبدلت الثوب الأبيض بمسوح، وتزيّت بزيّ رجل وانطلقت إلى أورشليم تحمل اسم “بيلاجوس”. وهناك سكنت في مغارة تمارس حياة الوحدة في جبل الزيتون، فجذبت نفوسًا كثيرة إلى الله بصلاتها وصمتها. لم يكتشف أحد أمرها، إنمّا عرف الكثيرون فضائلها كراهب متوحّد وبعد ثلاث أو أربع سنوات رقدت، وإذ أرادوا تكفينها أدركوا أنّها امرأة. عرف الأسقف نونيوس برقادها فأعلن بنفسه عن سيرتها، والحوار الذي دار بينه وبينها في لحظات توبتها.

الطروبارية
بكِ حفظت الصورةُ باحتراسٍ وثيق، أيّتها الأمّ بيلاجيا، لأنّكِ قد حملت الصليب، فتبعت المسيح، وعملتِ وعلّمت أن يُتغاضى عن الجسد لأنّه يزول، ويُهتّم بأمور النفس غير المائتة، فلذلك أيّتها البارّة، تبتهج روحك مع الملائكة.

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share