هو النبيّ الأوّل في ترتيب نبوءات الأنبياء الاثني عشر الصّغار، من حيث عدد إصحاحات نبوءته. تنبّأ في مملكة الشمال وعاصَر سقوط السامرة عام 722 ق.م. بيَد شلمنصّر، ملك أشور. كما عاصر كلاًّ من الأنبياء أشعياء وعاموص وميخا. ويُظَنّ أنّ فترة نبوءته دامت أربعين سنة. أمّا مضمون النبوءة فمحاكمة الله لشعبه بعدما زاغ وفسَد، وحثّه على العودة إلى إلهه. ففي الإصحاح الرّابع “أنّ للرّبّ محاكمة مع سكّان الأرض لأنّه لا أمانة ولا إحسان ولا معرفة لله في الأرض”. الكاهن أضحى ضالّاً ومضلّلاً. “قد هلك شعبي من عدم المعرفة. فيما أنّك رفضتَ المعرفة أرفضك أنا حتّى لا تكهَن لي”. والشعب تحوّل إلى عبادة الأصنام. “شعبي يسأل خشبه وعصاه تخبره”. هذا هو الزّنى بعينه لأنّ آباءهم كانوا قد نذروا الأمانة للعليّ القدير. “روح الزّنى قد أضلّهم فزَنوا من تحت إلههم”. فليحذرنَّ الشعب والكهنة، إذًا، لأنّ “الشعب الذي لا يفطن يتهوّر”. ويكون كما الشعب هكذا الكاهن، أعاقبهم على طرقهم وأردّ أعمالهم عليهم. وتمثيلاً لعلاقة الرّب بشعبه، يأمر العليّ نبيّه هوشع أن يتّخذ لنفسه أمرأة زانية. “إذهب خُذ لنفسك امرأة زنى وأولاد زنى لأنّ الأرض قد زنت زنى تاركة الرّب” (هوشع 1: 2). ويشكو الربّ حال إسرائيل لكنّه لا يطلّقها. حبُّه أكبر من زناها، وهمُّه أن يستعيدها بالتضييق والأوجاع”. هأنذا أسيّج طريقك بالشوك. فتتبع محبّيها ولا تدركهم. فتقول أذهب وأرجع إلى رَجُلي الأوّل…”(هوشع 2: 6-8 ) ثمّ يُخرجها الربّ الإله إلى البرّية، قاطعاً عنها خيرات الأرض ومُتَعها. هناك يلاطفها لطفاً فتدعوه رجلُها. “هأنذا أتملّقها وأذهب بها إلى البرّية، وألاطفها، وأعطيها كرومها من هناك… وهي تغنّي هناك كأيّام صباها وكيَوم صعودها من أرض مصر. . . أقطع لهم عهداً في ذلك اليوم… وأخطبك لنفسي إلى الأبد… بالعدل والحقّ والإحسان والمراحم… ويكون ذلك اليوم إنّي أستجيب … وأزرعها لنفسي في الأرض…” (هوشع 2: 14 -23 ). هوشع هو نبيّ محبة الله الكبرى، المحبّة الموجوعة الثابتة الصّابرة الرّاجية إلى الأبد، في مقابل وهن الشعب وبطَره واستخفافه بألطاف إلهه، إلّا أن تنال منه عصا التأديب وصروف الدهر والخوف والوجع والبرّية. يبقى أنّ الصورة التي رَسمها هوشع هي صورة علاقة الله بنا في كلّ عصر الله المنعطف على البشريّة، المصلوب على محبّتها كلّ يوم، والبشريّة الزائغة المُغلق عليها بالأوجاع والموت إلى أن تعود إلى الحبيب الأوّل. ويختم هوشع نبوءته هكذا :”مَن هو الحكيم حتى يفهم هذه الأمور والفهيم حتّى يعرفها، فإنّ طرق الباب مستقيمة والأبرار يسلكون فيها، وأمّا المنافقون فيعثرون… ” (هوشع14 :9).
طروبارية القدّيس هوشع النبيّ
لمّا قبلتَ الإعلانات الشريفة، أضحيتَ مرآةً إلهيّة للمعزّي، أيها النبيّ الحكيم، لذلك أبرقتَ في العالم مثل مصباح نور، بسابق معرفة المستقبلات، فيا هوشع المجيد تشفّع إلى المسيح الإله أن يمنحنا الرّحمة العظمى.