القدّيسان الشهيدان رومانوس وبارولا الأنطاكيّان (+303م)

mjoa Saturday November 18, 2023 218

القدّيس رومانوس من أصل أنطاكيّ أو ربّما فلسطينيّ. كان شمّاسًا وطاردًا للأرواح الشريرة في الكنيسة. كان في أنطاكية عندما اندلعت موجة جديدة من الاضطهاد على المسيحيّين في زمن الإمبراطور ذيوكليسيانوس. لم يطق رومانوس أن يرى عددًا من المسيحيّين يتهافتون على حاكميّة أنطاكية ليكفروا بالمسيح ويقدّموا العبادة للأوثان خوفًا على أنفسهم. وإذ دبّت فيه الغيرة الإلهيّة، شرع يطوف عليهم في بيوتهم وحوانيتهم يقويّهم ويشدّد عزائمهم، فوصل خبره إلى الحاكم الذي أمر بإلقاء القبض عليه، وفيما كان الجنود يبحثون عنه إذا به يعترض الحاكم في طريقه إلى هيكل الأوثان لتقديم ذبائحه قائلاً له: “تخطىء أيّها الحاكم، إذ تذهب إلى الأصنام. فالأصنام ليست آلهة. وحدَه المسيح هو الإله الحقيقيّ”. فبُهت الحاكم من جسارة هذا الوقح. وإذ عاد إلى نفسه وهمس أحد الجنود في أذنه بأنّه هو المطلوب بتهمة تحريض المسيحيّين على عصيان الأوامر الملكيّة، أمَر للحال بإلقاء القبض عليه وسوقه إلى الديوان. في الديوان، أخذ الحاكم يقرّع رومانوس على عمَله الشائن فكان جوابه أنّه يفتخر بأن يعصى الأوامر الجائرة للملوك وبأن يحضّ المسيحيّين على عصيانها لأنّ الله أولى من الناس بالطاعة. فأشار الحاكم إلى جنوده بأن يجلدوه، فجلدوه بعنف وعذّبوه بشتّى أنواع التعذيب، لكنّ رومانوس لم يتزعزع عن إيمانه بل بالعكس قال للحاكم: “ليس الصّنم شيئًا، والوثنيّة حماقة. المسيح هو ربّ المجد. واضطهاد ذيوكليسيانوس للمسيحيّين ظلم واستبداد”. عدّ الحاكم كلام رومانوس تجديفًا على الملك فأمَر به جنده من جديد فضربوه، لكنّ رومانوس التفَت إلى إسكلبياذوس وقال له: “أترى هذا الولد هناك؟” فأدار الحاكم وجهه فأبصر ولدًا ممسكًا بيد أمّه وسط جمع من الناس، فقال له رومانوس: “هذا الولد يفهم أكثر منك لأنّه يعرف من هو الإله الحقيقيّ وأنت لا تعرف. سَله فيجيبك!”. فاختلط الأمر على الحاكم إزاء الجمع وارتبك وصرخ بالولد إليه فجيء به للحال فسأله: “قل لي يا ولد هل هناك إله واحد أم آلهة متعدّدة؟” فأجاب الولد وكان اسمه بارولا: “بل هناك إله واحد خالق السماء والأرض”. فسأله الحاكم: “وهل أنت مسيحيّ؟” فأجاب: “نعم أنا مسيحيّ وأؤمن بالربّ يسوع المسيح”. فتطلّع الحاكم بغضب إلى أمّ الولد ووبخّها على إفسادها إيّاه وسوء تربيتها له. ثمّ اقترب جنديّ من الولد وانهال عليه ضربًا قصاصًا له. فخرجت الأمّ عن صمتِها وأثنَت على ولدها وأخذت تشجّعه، فاشتدّ غيظ الحاكم وأمر بقطع رأس الولد أمام أمّه، كما أمر بتعذيب رومانوس حتّى الموت.

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share