عيد الظهور الإلهيّ، هو المعروف بين الناس عندنا، ب”عيد الغطاس” إشارة إلى غطس الرّب يسوع أو انغماسه في الماء. ويُقصَد بالظهور الإلهيّ، ظهور الرّب يسوع للناس أوّل مرة، وظهر الله ثالوثًا. كذلك سُميّ العيد في القديم، “عيد الأنوار”، لأنّ الله نور وكنور يظهر، لأنّه مُعطي للناس أن يصيروا أنوارًا من هذا النور المعتَلن الذي لا يغرب.
في الأناجيل
ورَد الحديث عن معموديّة الرّب يسوع في الأناجيل الأربعة معًا. فأمّا متّى الإنجيليّ (الاصحاح 3)، فتكلّم عن يوحنّا المعمدان الذي جاء كارزًا في بريّة اليهودية داعيًا إلى التّوبة لأنّ ملكوت السموات قد اقترب. وشهِد لمن وصفه ڊ “الآتي بعده بأنّه سيعمِّد بالرّوح القدس والنار وبه تكون دينونة الناس”. أمّا مرقص، في الاصحاح الأوّل من إنجيله، فأورَد أنّ يوحنّا كان يعمّد في البرّية ويكرز بما أسماه “معموديّة التوبة لمغفرة الخطايا” شاهدًا للآتي بعده. أمّا لوقا ( الاصحاح 3)، فتحدّث عن كلمة الله التي كان على يوحنّا بن زكريا وهو في البرّية، فجاء إلى الكورة المحيطة بنهر الأردن وأخذ يكرز”بمعموديّة التوبة لمغفرة الخطايا”. واعترف يوحنّا بأنّه جاء ليعمّد بالماء وحسب، ولكن ثمّة مَن سيأتي بعده، ذاك سوف “يعمِّد بالرّوح القدس والنار”. أمّا في الإنجيل الرّابع (الاصحاح الأوّل)، فالحديث هو عن يوحنّا الذي “اعترف ولم ينكر وأقرّ”، للكهنة واللّاويين بأنّه ليس المسيح بل هو صوتٌ يدعو إلى التوبة ويعمّد بماء. لا كلام مباشر عن اعتماد الرّب يسوع منه، بل عن مجيئه إليه. فلمّا تقدّم يسوع منه، عرَفه يوحنا بالرّوح وقال :” هذا هو…!” لم يكن، إلى ذلك الوقت، قد عرَفه، لكنّ الذي أرسله هو قال له:” الذي ترى الرّوح نازلًا ومستقرًّا عليه فهذا هو الذي يعمِّد بالرّوح القدس”. أمّا لماذا جاء يوحنا معمِّدًا بالماء فلكي يهيّء الطريق ليسوع. بتعبير يوحنّا الحبيب “ليَظهَر (أي يسوع) لإسرائيل”. يوحنّا المعمدان كان إنسانًا مرسَلًا مِن الله،” جاء للشهادة ليشهد للنور لكي يؤمن الكلّ بواسطته. لم يكن هو النور بل ليشهد للنور”.
معمودية يسوع
مجيء الرّب يسوع إلى يوحنّا ليعتمد كان تأكيدًا لمعموديّة يوحنّا أنّها من الله. وبه، أي بالرّب يسوع، كلّ البشرية، كلّ الذين استجابوا لدعوة الله إلى التوبة أو اشتاقوا إليها يأتون إلى يوحنا ليعلنوا توبتهم بمهابة وخشوع وينالوا من يده خَتم الله أنّهم صادقون. لقد وحّد الرب يسوع نفسه بنا. جاء إلى الأردنّ كخاطىء وهو المنزّه عن كلّ عيب. فعَل ذلك لأنّه أحبّ.
الظهور الإلهيّ
معموديّة الربّ يسوع هي أوّل ظهور علنيّ له بصفته المسيح المنتظَر، بصفته ابن الله وحمل الله الرّافع خطيئة العالم. والشهادة للرّب يسوع فهي من الله أوّلًا وأخيرًا. من الرّوح القدس الذي شهد له بانحداره بهيئة جسميّة، مثل حمامة. ومن الآب الذي شهد له بصوت من السموات يقول: “هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررت”. ومن يوحنا المعمدان المُرسَل من الله، الذي شهد له قائلًا: ” أنا لم أكن أعرفه ولكن أرسَلني لأعمّد بالماء، ذاك قال لي … هذا هو الذي يعمِّد بالرّوح القدس وبه ستكون دينونة العالمين وأنا قد رأيتُ وشهدتُ أنّ هذا هو ابن الله” (يوحنا 1 :33-34). بظهور الرّب يسوع، استبان الله ثالوثًا. استبان التلازم بين الآب والابن والرّوح القدس. لم يكن الرّب يسوع ليشهد لنفسه. الآب شهِد له والرّوح القدس كذلك. ليس أحد يعرف من هو الابن إلّا الآب ولا مَن الآب إلّا الابن ومن أراد الابن أن يُعلن له”.
طروبارية الظهور الإلهيّ
باعتمادكَ ياربّ في نهر الأردنّ ظهرت السجدة للثالوث لأنّ صوت الآب أتاك بالشهادة مسمّيًا إيّاك ابنًا محبوبًا والرّوح بهيئة حمامة يؤيّد حقيقة الكلمة، فيا من ظهرتَ وأنرتَ العالم أيّها المسيح الإله المجد لك.