القدّيس الشهيد في الكهنة بطرس كابيتولياس (+715م)

mjoa Saturday January 13, 2024 199

كابيتولياس هﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻣﻦ ﻣﺪن ﻋﺒﺮ الأردنّ (ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ إرﺑﺪ الأردﻧﻴّﺔ). فيها وُلد ﺑﻄﺮس وكان ﻳﺘﻤﺘّﻊ ﺑﻜﻞّ اﻣﺘﻴﺎزات اﻟﺮّﻓﻌﺔ واﻟﺜﺮاء. ﺗﺰوّج، وهو ﺷﺎبّ ﺻﻐﻴﺮ، ورُزق ﺻﺒﻴًّﺎ وﺑﻨﺘَﻴﻦ. اﻧﺼﺐّ ﻣﻨﺬ ﺻﻐﺮﻩ ﻋﻠﻰ دراﺳﺔ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻤﻘﺪّس. ﻓﻲ أﺣﺪ الأيّام كان ﺑﻄﺮس ﻣﺠﺘﻤﻌًﺎ ﻣﻊ ﺷﻴﻮخ ﻣﺴﻠِﻤﻴﻦ، ﻓﺠﺎهر أﻣﺎﻣﻬﻢ ﺑﺈﻳﻤﺎﻧﻪ ﺑﺎﻟﻤﺴﻴﺢ.  ﻓﺜﺎرت ﺛﺎﺋﺮة اﻟﺸﻴﻮخ ﻋﻠﻴﻪ وأرادوا أن ﻳﻘﺘﻠﻮﻩ. وﻗﺪ ﺣﺼﻞ اﺿﻄﺮاب ﻓﻲ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺑﺴﺒﺒﻪ. ﻓﺒﻌَﺚ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﺑﻜﺘﺎب إﻟﻰ ﻋﻤﺮ اﺑﻦ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ اﻟﻮﻟﻴﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻠﻚ (٧١٥-٧٠٥). ﻓأرﺳَﻞَ ﻋﻤﺮ أﺣﺪ ﺿﺒّﺎﻃﻪ ﻳﺴﺘﻄﻠﻊ الأﻣﺮ إن كان ﻟﻠﻤﺘّﻬﻢ ﻣﺲٌّ ﻓﻲ ﻋﻘﻠﻪ أو هو ﻣﺎﻟﻚ ﻗﻮاﻩ اﻟﻌﻘﻠﻴّﺔ كاملة، إذ ذاك ﺗُﺘَّﺨﺬ ﻓﻲ ﺷﺄﻧﻪ اﻟﺘﺪاﺑﻴﺮ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ.  اﺳﻢ اﻟﻀﺎﺑﻂ كان زورا. هذا اﻧﺘﻘﻞ إﻟﻰ كاﺑﻴﺘﻮﻟﻴﺎس واﺳﺘﺠﻮب ﺑﻄﺮس ﻓﺄﻟﻔﺎﻩ ﺻﺎﺣﻴًﺎ واﻋﻴًﺎ ﻣﺪركًا ﻣﺎ ﻳﺼﺮّح ﺑﻪ ﺗﻤﺎم اﻹدراك. ﻓﻜﺒّﻠﻪ ﺑﺎلأﺻﻔﺎد وﺟﻌﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﺮاﺳﺔ ﻣﺸﺪّدة وأن ﻻ ﻳﻘﺮﺑﻪ ﻣﺴﻴﺤﻲّ. أﻤّﺎ كاتب ﻧﺺّ اﻻﺳﺘﺠﻮاب فأرﺳَﻠﻪ إﻟﻰ ﻋﻤﺮ ﻟﻴﺒﺖ ﻓﻲ أﻣﺮﻩ. أﻣﺮ ﻋﻤﺮ ﺑﺄن ﻳُﺴﺎق ﺑﻄﺮس اﻟﻜﺎهن إﻟﻰ دﻣﺸﻖ ﻟﻴﻤﺜﻞ أﻣﺎﻣﻪ.  وهكذا ﺣﺼﻞ.  كان ﺑﻄﺮس ﻗﺪ أﻣﻀﻰ ﻓﻲ ﺳﺠﻦ كاﺑﻴﺘﻮﻟﻴﺎس ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﻬﺮ ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ.  وﻓﻲ اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﻟﻲ ﻟﻮﺻﻮﻟﻪ إﻟﻰ دﻣﺸﻖ. أﺣﻀﺮَﻩ ﻋﻤﺮ ﻟﺪﻳﻪ وﻗﺎل ﻟﻪ: “ﻟﻘﺪ ﻋﻠﻤﺖ أﻧّﻚ اذ كنت ﻣﺮﻳﻀًﺎ ﺗﻔﻮّهت ﺑﻜﻼم أﺛﻴﻢ. وأﻧﺎ ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻲ، ﻧﺴﺒﺖُ ذﻟﻚ إﻟﻰ اﺧﺘﻼل ﻓﻲ ﻋﻘﻠﻚ. وﻟﻜﻦ ها ﻗﺪ اﺳﺘﻌﺪتَ ﻋﺎﻓﻴﺘﻚ. وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻣﺎ زﻟﺖ ﺳﺎﻗﻄًﺎ ﻓﻲ اﻟﻀﻼل. إﻧّﻲ أشفق ﻋﻠﻴﻚ، أﻋﻄﻴﻚ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻠﻨّﺠﺎة ﻣﻦ اﻟﻌﻘﺎب، ﻓﺎﻋﺘﺮف ﺑﺄﻧّﻚ أﺧﻄﺄتَ. ﻟﻚ أن ﺗﺨﺘﺎر ﺑﻴﻦ اﻟﺤﻴﺎة واﻟﻤﻮت”. إلّا أنّ ردّ ﺑﻄﺮس ﺟﺎء ﻋﻜﺲ ﻣﺎ أراد ﻋﻤﺮ.  وأﻣَﺮ ﺑإرﺳﺎﻟﻪ إﻟﻰ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ اﻟﺬي أﺻﺪر ﺣﻜﻤًﺎ ﺑﺄن ﻳُﺮَدّ اﻟﻰ وﻃﻨﻪ ﻟﻴُﺼﺎر إﻟﻰ اﺳﺘﺪﻋﺎء اﻟﺴﻜّﺎن ﻓﻲ كابيتولياس واﻟﺠﻮار، ﻣﻮاﻃﻨﻴﻦ وﻏﺮﺑﺎء، رﺟﺎلًا وﻧﺴﺎء وأوﻻدًا، ﺑﺪءًا ﺑأوﻻد اﻟﻤﺤﻜﻮم ﻋﻠﻴﻪ وأﻗﺮﺑﺎﺋﻪ.  ﺛﻢّ ﻣﺘﻰ ﺣﻀﺮوا، ﻳﻨﺰع اﻟﺠلّاد ﻟﺴﺎﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻖ.  وﻓﻲ اﻟﻴﻮم اﻟﺘﺎﻟﻲ ﺗُﻘﻄﻊ ﻳﺪﻩ ورﺟﻠﻪ اﻟﻴﻤﻨﻰ، وﻳُﺘﺮك ﻓﻲ اﻟﻌﺬاب ﻃﻮال اﻟﻨﻬﺎر.  ﺛﻢّ ﻓﻲ اﻟﻴﻮم اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻳُﺠﻤﻊ اﻟﻤﺴﻴﺤﻴّﻮن ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻷﻧﺤﺎء، ﻻﺳﻴّﻤﺎ اﻟﻜﻬﻨﺔ واﻟﺮّهبان، وﻳُﺼﺎر أﻣﺎﻣﻬﻢ إﻟﻰ ﺑﺘﺮ ﻳﺪﻩ ورِﺟﻠﻪ الأﺧﺮى، وﺗُﺤﺮق ﻋﻴﻨﺎﻩ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺪ اﻟﻤﺤﻤّﻰ.  ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻳُﻌﻠّﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻠﻴﺐ ﺧﻤﺴﺔ أﻳّﺎم، ﺛﻢّ ﺗُﺤﺮق اﻟﺠﺜﺔ واﻻﻋﻀﺎء اﻟﻤﻘﻄﻮﻋﺔ واﻟﺜﻴﺎب واﻟﺼﻠﻴﺐ ﺑﺎﻟﻨﺎر، ويذرّ اﻟﺮّﻣﺎد ﻓﻲ ﺑﺤﻴﺮة اﻟﻴﺮﻣﻮك، وﺗُﺰال ﺁﺛﺎر اﻟﺪﻣﺎء ﺣﺘّﻰ ﻻ ﺗﻜﻮن ﻟﻠﻤﺴﻴﺤﻴّﻴﻦ ﺑﻘﻴّﺔ ﻣﻨﻪ ﻳﺤﺘﻔﻈﻮن ﺑﻬﺎ ذﺧﻴﺮة. وﻟﻤّﺎ ﺣﺎﻧﺖ ﺳﺎﻋﺔ ﺗﻨﻔﻴﺬ اﻟﺤﻜﻢ ﺗُﻠﻴﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻸ اﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﻓﺄﺟﺎب ﺑﻄﺮس ﺑﺼﻮت ﻣﺮﺗﻔﻊ ﺑﺂﺧﺮ ﺁﻳﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺰﻣﻮر ٩٥: “…إﻧّﻪ ﺁتٍ. ﺁتٍ ﻟﻴﺪﻳﻦ اﻻرض”. ﺛﻢّ ﺗﻼ اﻟﻤﺰﻣﻮر ١٢٠ كاﻣلًا: “…ﻣﻌﻮﻧﺘﻲ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ اﻟﺮّب ﺻﺎﻧﻊ اﻟﺴﻤﺎء واﻻرض…”. وﻣﺎ أن اﻧﺘﻬﻰ ﻣﻦ ﺗﻼوﺗﻪ ﺣﺘّﻰ ﺑﺎﺷﺮ ﺟلّادوﻩ ﺑﺘﻨﻔﻴﺬ اﻟﺤﻜﻢ.  وﻗﺪ اﺳﺘﻤﺮّوا ﻓﻴﻪ إﻟﻰ أن ﺗﻤّﻤﻮا ﻣﺎ أﻣﺮ ﺑﻪ اﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺑﺤﺬاﻓﻴﺮﻩ. وﻗﺪ ﻗﻴﻞ أﻧّﻪ ﻟﻤّﺎ ﺷﺎء ﺟلّادوﻩ إﻧﺰال ﺟﺴﺪﻩ ﻋﻦ اﻟﺼﻠﻴﺐ، ﺗﻘﺪّم ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ اﻷﺗﻘﻴﺎء، وأﺧﺬوﻩ ﻋﻠﻰ أكتافهم ﻟﻜﻦّ اﻟﺠﻨﺪ أﺑﻌﺪوهم ﺑﺴﺮﻋﺔ. إنّ ﺷﻬﺎدة اﻟﻘﺪﻳﺲ ﺑﻄﺮس ﻗﺪ أُﻧﺠﺰت ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﺸﺮ ﻣﻦ كانون اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﺴﻨﺔ ٧١٥م.

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share