بعدما رقد القدّيس يوحنا الذهبيّ الفم في منفاه في كومانا الكبّادوكية، ووُري الثرى هناك، تمكّن بعد سنة أحد تلامذة الذهبيّ وهو القدّيس بروكلّس، من إقناع الإمبراطور بصوابيّة استقدام رفات معلّمه إلى القسطنطينيّة من كومانا. لمّا خرج المرسَلون والجنود إلى هناك لنقل الرّفات واجهتهم مشكلة، وتعذّر عليهم زحزحة النعش، فشعر الإمبراطور ثيودوسيوس الصغير أنّه هو السبب وأنّ الذهبيّ الفم غير راضٍ عنه لأنّه لم يبدِ عن والدَيه لا توبة ولا اتّضاعًا كافييَن. فكتب رسالة إلى القدّيس يوحنّا، كما لو كان حيًّا في الجسد، وسألَه فيها العفو والمسامحة لِما اقترفه والداه حياله ورجاه أن يقبل العودة إلى المدينة المتملّكة لسرور وعزاء الكثيرين من الذين طال انتظارهم له بشوق عظيم. فلمّا حمل الموفدون الرّسالة ووضعوها على صدر القدّيس انحلّت المشكلة وتزحزح النعش فأمكن نقله إلى القسطنطينية بسهولة. نُقل النّعش من كومانا بإكرام عظيم، ووصل إلى القسطنطينيّة فأُدخل أوّلًا كنيسة القدّيس الرّسول توما في أمنتيوس. بعد ذلك أُدخل النعش إلى كنيسة القديسة إيريني حيث أُجلس القدّيس على العرش وصرخ الشعب بفرح عظيم: “استعِد عرشك يا قدّيس الله!”. أخيرًا بلغَ النّعش كنيسة الرّسل القدّيسين حيث مدافن الأباطرة والبطاركة. فلمّا أُجلس القدّيس، على العرش الأسقفيّ سُمِع صوتَه يقول “السلام عليكم!”. وقد جُعلت الرّفات تحت المائدة وأُقيمت الذبيحة الإلهيّة فجرَت بالرّفات عجائب جمّة.
طروباريّة القدّيس يوحنّا
لقد أشرقَت النعمة من فمكَ مثل النار، فأنارت المسكونة، ووضعتَ للعالم كنوز عدم محبّة الفضة، وأظهرتَ لنا سموَّ الاتِّضاع، فيا أيّها الأب المؤدِّب بأقواله يوحنّا الذهبيّ الفم، تشفَّع إلى الكلمة المسيح الإله أن يخلِّص نفوسنا.