ليس واضحًا تمامًا متى كانت شهادة القدّيس إيليان الحمصيّ. البعض يقول في القرن الثالث، في أيّام الإمبراطور داكيوس قيصر، والبعض يقول لا بل في زمن مكسيموس قيصر في القرن الرّابع. في المخطوط الذي استُعمل لكتابة سيرته يقول أنّ الزمن هو زمن تيفاريوس الملك ولا نعرف من المقصود به تمامًا. ففي ذلك الزمان، صدر عن قيصر تعميم في كلّ الإمبراطوريّة أن يوقّر الناس الآلهة بالذبائح. وكلّ مَن اعترف بالمسيح يُنهَب بيته ويتعرّض للتعذيب. وإذا عاند ورفض الإذعان حُكِمَ عليه بالموت. فلمّا شرع عمّال قيصر بتنفيذ الأمر بقوّة وصرامة، أخذ رعاة المسيحيّين، أساقفة وكهنة، يتوارون عن الأنظار ولجأ بعضهم إلى الكهوف والمغاور.
كان إيليان رجل الايمان القويم والعبادة الحسنة، صوّامًا قوّامًا، راحمًا للمساكين. كان جميلًا في خلقتِه وزيّه، مولودَ بيتٍ معروف في حمص. والده أحد أعيانها وله ذِكر وبأس. إيمان إيليان بالمسيح كان سِرًّا عن أبيه. وكان يوّزع على الفقراء ما تصل إليه يده من عطايا والده ويعالج المرضى بالمجّان يشفيهم باسم يسوع علانيّة. وكان الله قد أعطاه قوّة على شفاء جميع الأمراض وطرد الأرواح النجسة. وإذ جاهر إيليان بمسيحه ذاع صيته في حمص وسواها حتّى أخذ الناس يأتون إليه من أمكنة بعيدة. هذا الأمر أثار سخط الأطبّاء وامتلأوا حسدًا ووشوا به إلى والده، فساءه ما سمع عن ابنه، وغضب منه، وسخط على أسقف حمص وتلميذاه وقبض عليهم ووضعهم بالسجن.
وعمل أصحاب والده على دعوته للعودة عن ضلاله والخضوع للآلهة، فدعاهم بدوره إلى تركه يحطّم تماثيل الفضّة والذهب ويوزّعها على المحتاجين. فضربوه من جديد وقيّدوه وداروا به حول حمص وأمر أبوه بضربه ضربًا شديدًا، غير أنّ القدّيس عاد يصرخ بانتمائه إلى المسيحيّة وأنّه هو مستعّد أن يموت في سبيل المسيح، وتُرك في السّجن وكان عدد من الذين يعيدون له في السّجن يهتدون إلى الايمان المسيحيّ. بعد ذلك، لمّا عيل صبر والده منه طلب إلى الجند أن يعذّبوه حتّى يُسلم الرّوح وهكذا حصل، وأسلم روحه في مغارة شرقي المدينة يصنع فيها الفخّار.
طروباريّة القدّيس إيليان
أيّها القدّيس اللّابس الجهاد والطبيب الشافي إيليان، تشفَّع إلى الإله الرحيم أن ينعم بغفران الزَّلات لنفوسنا.