أورَدَ سيرتَها ثيودوريتوس القورشيّ في تاريخه عن رهبان سورية. يصفُها ثيودوريتوس بـ”العجيبة” ويقول عنها أنّها رغبت في العيش على طريقة القدّيس مارون الناسك. اصطنعت لنفسها كوخًا من القصب في حديقة بيت ذويها. لبِست الوبر وكانت تذرف الدموع سخيّة. اعتادت أن تذهب إلى الكنيسة القريبة منها، كلّ صباح، عند صياح الديك، وكذلك آخر النهار لترفع الصلاة إلى ربّها عن سائر الناس. وقد أقنعت أمّها وإخوَتها، الذين كانوا في سعة من العيش، أن ينفقوا على أماكن العبادة. كان طعامُها العدَس المسلوق. قسَت بالنُّسك على نفسها حتّى بدا جسمها كأنّه هيكل عظميّ وجلدُها رقيقًا كالقشور. ورغم أنّه كان بإمكان أيٍّ كان أن يراها فإنّها، من ناحيتها، لم تكن ترى أحدًا ولا تُظهر وجهها لأحد. كانت تبقى محجوبة تمامًا تحت ستارها وتحني رأسها حتّى الركبتَين. كلماتها كانت تخرج من فمها خافتة تكاد لا تُسمع ولا تتوقّف عن البكاء. ثيودوريتوس شهِد أنّه حدَثَ مرارًا أن أخذت يمينه وجعلتها على عينَيها فلمّا ارتدّت يمينه لاحظها مبلّلة تقطر بالدمع. عن هذه الدموع قال ثيودوريتوس أنّه الحبّ الحار لله الذي يولّد هذا البكاء إذ يضرم النفس بالمكاشفة الإلهيّة وينخسها بمهمازه فيدفعها إلى أن تغادر هذه الحياة الدنيا. وإلى جانب كون دمنينا سالكة في النسك فإنّها لا تتردّد في الإهتمام بالمجاهدين في سبيل الحياة الملائكيّة، وتحرص على إيواء القادمين إليها من بعيد لدى كاهن البلدة وتأمين احتياجاتهم من مال ذويها. على هذا النحو سارت دمنينا إلى أن تكمّلت بالفضيلة وانتقلت إلى جوار ربّها.