هو من مقاطعة ليسيا في آسيا الصغرى، اقتبل الرّهبنة في وطنه ثمّ انتقل إلى فلسطين وبعد سنتَين من انتقاله، استمالَه ثيودوسيوس مغتصب الكرسيّ الأورشليميّ إلى القول بالطبيعة الواحدة. ولفَتَ الله عبدَه جيراسيموس إلى القدّيس أفثيموس وكان معروفًا أنّه ممتلىء من روح الله، فمالت نفس جيراسيموس إليه. أمضى جيراسيموس في الأردنّ معتزلًا بعض الوقت، ثمّ بدأ التلاميذ يفيدون عليه. لهؤلاء بنى رجل الله لافرا مكوَّنة من سبعين قلّاية للنسّاك وفي وسطها دير للشركة. وقد فرَضَ جيراسيموس عليهم بعض قواعد التّقوى والتي كان يمارسها، وكان يهمّه أن يتروّض الرّهبان على عدم القنية وأن يتعاطوا والآخرين باعتبار أنّ كلّ شيء بينهم مشترك على غرار الرّسل والمؤمنين الأوائل في أورشليم. وكان يوصي بالفقر بينهم بشدّة، وكذلك الاتّضاع باعتبارهما أثمن زينة للنفس. ومهنَتهم كانت الصلاة وشغل الأيدي. كان جيراسيموس صارمًا في حفظ قانون الحياة بين رهبانه. وشاء سكّان أريحا أن يحملوا إليهم بعض المرطّبات، وكان هذا مدعاة قلق للنسّاك، لا سيّما وأبوهم الشيخ أوصاهم أنّ الإمساك أب الزّهد الكامل، وبه يقوون على السّهر وحفظ أنفسهم من الأفكار السّمجة. في كلّ ذلك، كان جيراسيموس المِثال الصالح ونموذج الفضيلة الحيّ وكان يكتفي، في الصوم الكبير، بتناول القُدسات. على هذا النحو سلَكَ، سنةً بعد سنة، إلى أن رقد في الربّ في الخامس من شهر آذار من السنة 474 للميلاد بقي ديره قائما إلى القرن الثاني عشر.
طروبارية القدّيس جراسيموس
ظهرتَ في البرّية مستوطنًا، وبالجسم ملاكًا، وللعجائب صانعًا، وبالأصوام والأسهار والصلوات تقبّلت المواهب السماويّة، فأنت تشفي السقماءَ ونفوس المبادرين إليك بإيمان، يا أبانا المتوشّح بالله جراسيموس. فالمَجد لمَن وهبك القوّة، المَجد للذي توّجك، المَجد للفاعل بك الأشفية للجميع.