استشهد هؤلاء القدّيسون زمن الإمبراطور البيزنطيّ ميخائيل الثالث والخليفة العبّاسي الواثق بالله (842 -847). كانوا قد وقعوا في أسر العرب المسلمين سنة 837 م، حين كان الإمبراطور البيزنطيّ ثيوفيلس محاربًا للإيقونات. جُلّهم من القادة العسكريّين البيزنطيّين والأعيان الكبار. وقد جرى القبض عليهم إثر سقوط مدينة عمّورية في فيرجية العليا نتيجة خيانة أحد المقدّمين واقتباله الإسلام. أعمل السيف في رقاب الناس وأُخذ هؤلاء الإثنان والأربعون أسرى إلى سورية مصفَّدين بالحديد حيث أودعوا، في مكان ما، سجنًا مظلمًا. أقاموا في الأسر سبع سنين، مارس الخليفة عليهم ضغوطًا شديدة. حاول إضعاف معنوياتهم بشتّى الطرق. عرّضهم للجوع والعطش وتركهم طعامًا للحشرات، ولم تنجح محاولات مُرسَلي الخليفة في حملهم على الكفر بإيمانهم واقتبال الإسلام والظهور علنًا لأداء الصلاة. فأجاب الشهداء: “أمّا نحن المسيحييّن فلا نأخذ في مسائل إيماننا بمشورة المستعدّين أن يتخلّوا عن دينهم بالسهولة التي تقولون!”. انصرف المرسَلون، وأبدوا أسَفَهم للحال التي صار إليها الشهداء، وأظهروا رغبتهم في مدّ يد العون لهم. قالوا:” كان محمّد نبيّاً حقيقيًّا ولم يكن المسيح كذلك”. أجاب الشهداء: “للمسيح شهود عديدون كالأنبياء القدامى الذين أنتم أنفسكم تكرّمون، من موسى إلى يوحنّا المعمدان. أمّا محمّد فليس له شاهد واحد، ولكن يشهد لنفسه”. بقي هؤلاء الشهداء القدّيسون ثابتين على الإيمان بالمسيح إلى النهاية وكانوا يؤدّون الصلوات في حينها ويردّدون مزامير داود النبيّ شاكرين الله . وفي الخامس من آذار سنة 845 م صدر بحقّهم حكم الموت. وفي صباح اليوم التالي حضر ضابط ومعه جنود كثيرون، قُيّدوا الأسرى وأخذوهم إلى ضفاف الفرات. وبعدما استنفد الجلّادون كلّ حيلة قطعوا رؤوس القدّيسين الواحد تلو الآخر. وكان هؤلاء يتقدّمون بهدوء وثقة بالله وكانت عليهم نعمة. إثر استكمال إعدام الشهداء، استدعى الخليفة المدعو بادينزاس، الخائن الكافر وقال له: لو كنتَ مستقيمًا لما أسلمتَ مدينتَك ولو كنت صالحًا لما كفرتَ بدينك. ولمّا قال له هذا أمر به فقطع رأسه.
طروبارية القدّيسين الشهداء الإثنين والأربعين
شهداؤك يا ربُّ بجهادهم، نالوا منك الأكاليل غير البالية يا إلهنا، لأنّهم أحرزوا قوّتك فحطّموا المغتصبين، وسحقوا بأس الشياطين الّتي لا قوَّة لها. فبتوسّلاتهم أيّها المسيح الإله خلّص نفوسنا.