بعدما أذاع فورتيانوس، حاكم أفريقيا، المرسوم الإمبراطوريّ القاضي باضطهاد المسيحيّين، أنذَر أهل قرطاجة بأن يقدّموا الأضاحي للآلهة أو يعرِّضون أنفسهم للتعذيب. ولمّا رأى العديدون آلات التعذيب في الساحات العامّة أُصيبوا بالهلع وانصاعوا. غير أنّ أربعين من تلامذة الربّ تمسّكوا بإيمانهم بيسوع، وشجّعوا بعضهم البعض الآخرمردّدين قول الربّ “لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ولكنّ النفس لا يقدرون أن يقتلوها”.
ولمّا بلغ الحاكم تصميمهم على عدم الخضوع للأوامر الملكيّة استقدمهم وشاء أن يرغمهم على التضحية أو يسلّمهم لألسنة اللّهب فلم يذعنوا ولا جبنوا. أجاب ترانتيوس عن الجميع افعلوا ما تشاؤون، أمّا نحن فباقون على إيماننا وولائنا ليسوع المسيح. وأثار هذا الكلام سخط الحاكم فأمَر بتجريدهم من أثوابهم وجرّرهم إلى هيكل الأوثان. قال لهم: أما ترون عظمة الإله العظيم هرقل! فأجابه ترانتيوس: إنّك لمخطىء يا أيّها الحاكم لأنّ هذه الآلهة خشب وحجارة وبرونز وحديد وقد زيّنت لتبهر العيون وتخدع النفوس. فلمّا باءت محاولة فورتونيانوس بالفشل ألقى بالأربعة في السجن إلى الغد واستدعى زينون والاسكندر وثيودوروس ورفاقهم، وبعدما أمعن في ضربهم عساهم يتراجعون ألفاهم ثابتين لا يتزعزعون. إذ ذاك مزّق لحماتهم. وإذا بالأوثان تتحطّم وتستحيل غبارًا. وانتهى الأمر بأن قطع الحاكم رؤوسهم جميعًا. وكذلك ترانتيوس ومن معه بعدما عيل صبره وقد تمكّن المسيحيّون من دفن الشهداء بلياقة.