وُلد القدّيس أغناطيوس لعائلة روسيّة نبيلة في مقاطعة فولوغدا. تَسَمّى في المعموديّة باسم ديمتري. كان منذ الصِّغر يحبّ أن يذهب إلى الكنيسة ويقرأ الإنجيل، قراءة سِيَر القدّيسين كانت له مُتعة. بعد دراسة تلقّاها في المنزل الوالديّ انضمّ إلى مدرسة الهندسة العسكريّة في بطرسبرج. لمَعَ، فلفَتَ انتباه الدوق الأكبر نيقولاوس فجعله في حِماه، حياة العالم تركت في نفسه شعورًا بالفراغ، كان يُكرّس أوقات فراغه للصلاة ودراسة كتابات آباء الكنيسة، واتّصل بآباء دير القدّيس ألكسندر نفسكي، ليتحدّث عن اقتناعه أنّ الحياة الرهبانيّة هي كمال الحياة المسيحيّة، هؤلاء أذهلهم نُضجه الروحيّ فشجّعوه على متابعة بحثه، وفي العام 1826، أُصيب بمرَضٍ عضال كاد يودي بحياته فبعدما استردّ عافيته تعرّف إلى الأب ليونيد وانضمّ كطالب رهبنة إلى دير القدّيس ألكسندر سفير. طاعته الكاملة جعلت الرّهبان ينظرون إليه بإكبار. حاول والده أن يستردّه إلى المنزل العائليّ بحجّة مرض والدته فلم ينجح، صُيّر راهبًا بيد أسقف فولوغدا واتّخذ اسم أغناطيوس وأصبح رئيسًا لدير لوبوف في أبرشيّة فولوغدا، ورغم صِغر سنّه برز كإداريّ وأب روحيّ موهوب، فازداد عدد الرّهبان وجرى ترميم الأبنية وانتظمت الحياة الرهبانيّة في الدير.
عانى أغناطيوس من تردّي حاله الصحيّة بسبب المناخ الرّطب غير الصحيّ لذا جرى نقله إلى دير آخر في أبرشيّة موسكو، غير أنّ الإمبراطور حالما سمِع بحالته حوّله إلى دير في العاصمة حيث اهتمّ بالحياة الرهبانيّة وطوّرها وعرف كيف يكون أبًا للجميع وأعطى للشِّركة دفعًا روحيًّا كبيرًا. بعد أربع سنوات سُمِّيَ مفتّشًا لكلّ أديرة أبرشيّة بطرسبرج، واتّسعت دائرة تأثيره على الشبيبة. في العام 1847 إثر الإنهاك الجسديّ الذي اعتراه أُعفي من مهامه واعتزل في دير القدّيس بابييفو، في مقاطعة كوستروما بقرب الفولغا، استفاد من فترة الهدوء والصّمت لينصرف إلى كتابة العديد من الرسائل الإرشاديّة والمقالات لا سيّما منها المتمَحورة حول ممارسة صلاة يسوع، كان يؤكّد على التوبة الصادقة والتواضع الظاهر بالدموع اللّذين وحدهما يحميانا من الأوهام المتأتية من الغرور والرّضى عن النفس. كان يوصي بالاستغراق في صلاة التوبة مركّزًا على كلمات صلاة يسوع التي تتردّد بصوت خافت ثمّ تتحوّل إلى صلاة داخليّة، إذ يحفظ الذهن انتباهه على هذا النحو يدخل في تعاطف والروح التي يسمّيها الآباء “القلب”.
جال في أطراف أبرشيّته الواسعة، ساعد في تعليم الشباب، لكنّه مرض من جديد وتدهوَرت حالته الصحيّة فسُمح له بالاعتزال في دير نيقولاوس بابييفو برفقة فريق صغير من الأبناء الروحيّين، كلّفوه بإدارة هذا الدير المهمَل فأعاد تنظيمه وبنى كنيسة جديدة بالإضافة إلى الكتابة وإرشاد الرّهبان الذين أخذ عددهم في الازدياد، وقد جعل نفسه لهم طبيب النفوس والأجساد، رقد بالربّ في العام 1867م .