أفكار من وحي القيامة

الأخت نيلّلي مرجانة Wednesday May 8, 2024 439

خاص لموقع الحركة بقلم الأخت نيلّلي مرجانة*

المسيح قام حقًّا قام
هكذا نعايد بعضنا بعضًا مؤكّدين أنّنا نشهد على الفعل القيامي الذي يتجدّد فينا.

إنّ القيامة في الفكر المسيحيّ فعلٌ جوهريٌّ مؤثّرٌ روحيًّا وفكريَّا، وتبنى عليه منظومة لاهوتيّة جذريّة نعبر من أحداثها التي نعيشها في مرحلة الصوم الكبير إلى أسبوع الآلام العظيم، والتي نحفظها تاريخًا نتجدّد به لنعيش لحظة الفرح ونحن نقول: “تمررت الجحيم لمّا صادفتك داخلها…”، ونصرخ “تمرمرت”، ونتابع: “أين شوكتك يا موت، أين غلبتك يا جحيم؟ قام المسيح (حقًّا قام) وأنتَ صُرعت… قام المسيح والملائكة فرحت. قام المسيح والشياطين سقطت…”.

وتلتهب في دواخلنا رغبةٌ بالتجدّد وبعيش القيامة حياتيًّا لنشهد لقوّة الخير وانتصاره ولسقوط الشرّ واندحاره، تمامًا كما نؤمن بقيامة المسيح من بين الأموات.

هنا تبدأ رحلة الحياة القياميّة التي تصبح مسؤوليّتنا تجاه مسيحيّتنا… فإذا لم نجدّد وعينا في تلك اللّحظات… قد تكمد تلك الرّغبة بالتجدّد وتتلاشى حال خروجنا من الكنيسة، أمّا إذا سعينا للعمل الجادّ وللتفاعل الروحيّ مع سائر أبعاد الحياة اليومية، تكون قيامتنا الشخصيّة انتصارًا على كلّ موت يواجهنا، وتصير فينا قوّة تنتصر للحقيقة فنقف إلى جانبها بشجاعة غير متردّدين أمام ظلمات العالم الدنيويّ، مفضّلين محبّة الآخر على الأنانيّة الكامنة في لاوعينا أحيانًا، فننتصر لأحقيّة الآخر في الوجود ولإبراز ما لديه من طاقات. فإن كان الله قد منحنا موهبة ما، لا نُغفل مواهب الآخرين ولا نتسلّط على وجودهم، بل لنجعل الحصاد وفيرًا ومتنوعًا ولندعُ فعلةً كثيرين: “فَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّ الْحَصَادَ كَثِيرٌ، وَلكِنَّ الْفَعَلَةَ قَلِيلُونَ. فَاطْلُبُوا مِنْ رَبِّ الْحَصَادِ أَنْ يُرْسِلَ فَعَلَةً إِلَى حَصَادِهِ.” (لو 10: 2).

للقيامة أوجهٌ كثيرة، وأجملها حين تنقذنا من انهزام العطاء فينا عندما نعتقد أنّنا غير قادرين على وهب ما فينا من خيرات خوفًا من نفاذ ذخائرنا، غير مدركين كم هو مغبوط العطاء عند الربّ ومدى حلاوته واستمرار أثره ولامحدوديّته: “فِي كُلِّ شَيْءٍ أَرَيْتُكُمْ أَنَّهُ هكَذَا يَنْبَغِي أَنَّكُمْ تَتْعَبُونَ وَتَعْضُدُونَ الضُّعَفَاءَ، مُتَذَكِّرِينَ كَلِمَاتِ الرَّبِّ يَسُوعَ أَنَّهُ قَالَ: مَغْبُوطٌ هُوَ الْعَطَاءُ أَكْثَرُ مِنَ الأَخْذِ».” (أع 20: 35).

…هكذا هي القيامة، حالة حركة تعبر فينا من ضفّة الموت والركود إلى قيم الدنيوية البائدة نحوَ الحياة في اتّقاد شعلة النور التي تضيء ولا تحرق.

*الأخت نيللي مهندسة الكترونيك، تعمل في الإخراج التلفزيوني. أرشدت العديد من الفرق في أُسر القيامة والميلاد والعنصرة في مركز حلب لحركة الشبيبة الأرثوذكسية، فضلًا عن الخدمة الاجتماعية، وقد أسّست أوّل فرقة سيّدات في مركز حلب. كما شاركت في مجلس رعية كنيسة مار الياس ومجلس الملّة ولها عدّة مقالات منشورة في مجلّة النّور .

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share