القدّيس ثيوفانيس البيليوبونيزي

mjoa Saturday June 8, 2024 270

all_saints

القدّيس ثيوفانيس من قرية اسمها زابانتي في منطقة كالاماتا في البيليوبونيز. أرسَله والداه إلى القسطنطينيّة ليتتلمذ على أحد الخيّاطين. عامَله معلّمه بالسوء ففرَّ من عنده. وجد نفسه في المدينة وسط احتفالات شعبيّة جرت بمناسبة ختانة ابن السلطان، جحَد المسيح وانخرط مع جماعة من الفتية كان يجري إعدادُها لخدمة قصر السلطان في إطار الإنكشاريّة. تلقّى على مدى ستّ سنوات تعليمًا بالتركية والعربيّة. وإذ أتى على المسائل اللاهوتيّة، أخذ يشعر بوخز الضمير. ولمّا ساءت حاله دعا باسم الثالوث القدّوس وباسم والدة الإله وولّى الأدبار. جالَ في مواضع شتّى يبحث عن رجل يدّله على خلاص نفسه. أخيرًا التقى غفرائيل، متروبوليت فيلادلفيا، وكان رجلاً حكيمًا يقيم في البندقيّة. هذا علّمه وثبّته في الإيمان ورهبنه باسم ثيوفانيس. ثمّ أبانَ له كيف يكفّر عن خطيئته. كان عليه أن يعود إلى حيث جحد المسيح ليعلن على الملأ أنّه عاد إلى إيمانه الأوّل.
امتلأ ثيوفانيس غيرة إلهيّة وعاد بلا تأخير إلى القسطنطينيّة حيث عرفَه قوم، لكنّه لم يجد فرصة موافقة يعترف فيها بإيمانه أمام الناس. غادر إلى أثينا حيث عرض نفسَه للقاضي بعد ثلاثة أيّام قضاها في الصلاة سابحًا في الدمع. سأل العدل في شأن إيمانه الذي أضاعَه بنزق الشبابيّة، لكن خاب ظنّه لمّا عامله القاضي بلطف وتركه يذهب، واجتاز أمكنة شتّى إلى أن أتى إلى لاريسا حيث وقف أمام القاضي فيها وكان فظًّا صارمًا، هذا أيضًا صرفه بعدما أشبعه جلدًا، شكَر ثيوفانيس ربّه على السياط التي كابدها لكنّ نفسَه لم تعرف الرّاحة. توجّه إلى جبل آثوس حيث شجّعه بعض الرّهبان على إتمام قصده. من هناك عاد إلى القسطنطينيّة حيث عرض نفسه للناس وكلّمهم جهارًا. وبعد أن أعدّه معرّفه أفثيميوس أعدّ نفسه للمعركة الكبرى بالسهر والصلاة ومساهمة الأسرار المقدّسة. توجّه إلى محكمة السلطان حيث كان عدد كبير من القضاة والموظّفين، وبصوت عال مدح السلطان ثمّ اعترف بهدايته وطلب أن يُردّ له حقّه. اغتاظ القاضي لجسارته وسلّمه للضرب والسجن وسوء المعاملة. ولمّا طلب السجّانون منه ساخرين أن يتحفهم بمعجزة، وقف يصلّي قرابة ثلاث ساعات وكأنّه عمود لا يتحرّك، وما أن لفظ كلمة آمين حتّى حلّت بالموضع هزّة أرضية خلخلت أساسات السجن، ثمّ اخترق نور بهيّ، أبهى من الشمس، الظلمات وانحلّت رباطات القدّيس وارتفعت يداه إلى السماء وبدا وجهه كوجه ملاك، امتلأ حرّاس السجن جزعًا فسجدوا له وسألوه الصفح، وقيل اهتدى بعضهم إلى المسيح.
وصل الخبر إلى كبار القضاة فأحضره الوالي أمامه وحاول كسبه بالوعود، لكنّ ثيوفانيس ردّ حججه كما تخرق خيوط العنكبوت وأجابَ بغيرة ملهَمة من الله فحُكم عليه بميتة صعبة، وللحال ألقى الجلاّدون عليه الأيادي وبعدما وسموه في جسمه بعلامة الصليب على صدره وظهره ورفعوه مقلوبًا على بغل وعرضوه على الطرقات، ولمّا بلغوا مكان الإعدام علّقوه على خشبة وكان الناس يلقون عليه الحجارة ويضربونه بالقضبان وبعد وقت ليس بقليل طُعن واستشهد بالربّ في 8 حزيران 1588م، وإنّ بعض أتقياء المسيحيّين افتدوا الجسد وجمعوا التراب المشبّع بدمه وأخذوه.

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share