القدّيس البار نقولا كاباسيلاس (+القرن الرابع عشر الميلاديّ)

mjoa Thursday June 20, 2024 303

all_saints

وُلد القدّيس نقولا في تسالونيكية حوالي العام 1322م. كاباسيلاس اسم عائلة أمّه وهي عائلة قديمة مشهورة. تلّقى، منذ الشبابيّة، إعداده الروحيّ على يد أحد أبرز الآباء الروحيّين في تسالونيكية في زمانه، دوروثاوس فُلاتيس. تردّد على حلقات الأتقياء من عامّة المؤمنين. هؤلاء كانوا يتعاطون صلاة يسوع بإشراف القدّيس إيزيدوروس بوخيراس. تابَع دروسه في الفلسفة في القسطنطينيّة. هناك حصّل ثقافة أدبيّة راقية وجعله إعجابه بالكلاسيكيات يُصنّف في الأوساط الإنسانويّة دون أن يحيد عن تعليم الكنيسة. خلال إقامته في العاصمة المتملّكة نبّهه الجدال الناشب بين غريغوريوس بالاماس وبرلعام في شأن إمكان تأليه الإنسان بالقوى غير المخلوقة للنعمة الإلهيّة، إلى الغاية الأخيرة من الحياة المسيحيّة، لكنّه انكبّ بالأكثر على القضايا الإجتماعيّة والسياسيّة في عصره. بعد موت الإمبراطور أندرونيكوس الثالث في العام 1341م. وُجدَت الإمبراطورية في حال من التمزّق نتيجة حرب أهليّة اندلعت بين مناصري يوحنّا باليولوغوس ومناصري يوحنا كانتاكوزينوس. وتدهّورت الأمور بسبب ثورة الغيورين في تسالونيكية على سلطة الإمبراطور والنبلاء.
نيقولاوس، الذي كان يومها في تسالونيكية، توسّط في المباحثات بين المتمرّدين ويوحنّا كانتاكوزينوس. في العام 1345م، أُرسِلَ إلى بيريا سفيرًا لدى ابن وممثّل كانتاكوزينوس، المدعوّ مانويل، فحظيَ بوعد بتقديم شروط مؤاتية لاستسلام المتمرّدين. غير أنّ أندرواس باليولوخيوس عارض المشروع، إثر عودته، وهيّج الغيورين وسكّان الأحياء الفقيرة فهاجموا الحصن الذي كان الوجهاء قد لجأوا إليه. حصلت مذابح بشعة بالكاد أفلتَ نيقولاوس منها واختبأ في أحد الآبار. غير أنّه بقي في تسالونيكية حتّى العام 1347 ولا ما يقلقه رغم المودّة التي كان يكنّها لكانتاكوزينوس. وإذ أقبل على دراسة أسباب الحرب الأهليّة، وضع بضع مقالات ضدّ الرّبا والظلم الإجتماعيّ.
ولمّا تبوّأ كانتاكوزينوس العرش باسم يوحنّا السادس استدعى نيقولاوس إلى القسطنطينية وجعله مستشاره في كلّ الشؤون الهامة للدولة، وبتأثير مشيرَيه أسمى الملك الرجال الذين “بلغوا ذروة الحكمة  العالميّة في العمل أيضًا إذ اختاروا حياة العفّة  الحرّة”. وقد فكّر في الاعتزال في دير Manganes، غير أنّ الوضع السياسيّ في تسالونيكية جعله يعدل عن عزمه.
عاد بالاماس إلى تسالونيكية عندما نُصّب متروبوليتًا عليها. واعتزل معه في جبل آثوس حيث عاش في السكون والصلاة مدّة سنة كاملة. وفي العام 1349 عاد من جديد إلى تسالونيكية حيث كانت ثورة الغيورين قد خمدَت وتصالح أطراف النزاع فجرى تتويج القدّيس غريغوريوس. وبعد فترة، اعتزل الشؤون العامة لينكبّ على التأملّ في السِّر المعيش للمسيح في الكنيسة. أخذ يتردّد على أديرة منغانا وكسانتوبولوس وستوديون. اقتنى شهرة رجل بلغ قمّة الفضيلة، واهتمّت شخصيات بارزة كالإمبراطور مانويل باليولوغوس بطلب مشورته معتبرة إيّاه أبًا روحيًّا لها، لكنّ القدّيس اجتنب الخوض في اضطرابات العالم وآثر ملازمة الصمت ليضع مؤلَّفين أسياسيَّين له: “شرح الليتورجيا المقدّسة” و”الحياة في المسيح” وكلاهما يشهد عن حقّ لقداسته ويُعتبر من مآثر الأدب المسيحي. رقد القدّيس نيقولاوس بسلام في الربّ دون أن يخلّف شاهدًا على أيّامه الأخيرة بين العامَين 1391 و1397م.

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share