القدّيس البار أثناسيوس باروس (+1813م)

mjoa Monday June 24, 2024 170

all_saintsوُلد القدّيس أثناسيوس من أبوَين تقيّين في جزيرة باروس. تلّقى تعليمه الإبتدائي في وطنه وفي مدارس أخرى في الجزيرة، التحَق بالمدرسة الإنجيليّة في إزمير. بقيَ فيها سِتّ سنوات، ومن هناك انتقل إلى مدرسة الجبل المقدّس. الغرض من إنشاء هذه المدرسة ربط التعليم المعجميّ بالتقليد الأرثوذكسيّ كما بقيَ محفوظًا في الجبل المقدّس. وبفضل العالِميْن الكبريَن اللّذين شغلا إدارة هذه المؤسّسة الواحد تلو الآخر، نيوفيتوس كافسوكاليفا وأفجانيوس بولغاريس، أَشبع أثناسيوس نهمه من المعارف. أجاد في كلّ الميادين لا سيما في دراسة الكتاب المقدّس والوعظ. جُعِل أستاذًا في العام 1757 وتخطّى صيته حدود جبل آثوس فأُسندت إليه إدارة مدرسة تسالونيكية، استبان لامعًا لا في تعليمه وحسب بل في عظاته أيضًا التي تردّد فيها الإيمان والثقة بالله ممّا جعل الشعب يتعلّق به. إلّا أنّ وباء الطاعون تفشّى هناك فأدّى إلى إقفال المدرسة، فانتقل إلى كورفو حيث عاد تلميذًا يروم استكمال معارفه في الفلسفة والفيزياء والبيان. دعي فيما بعد إلى ميسولونغيون ليعلّم في المدرسة التي أنشأها زميله في الدراسة وصديقه بنايوتيس بالاماس فساهم مساهمة جدّية في إنماء هذه المدرسة التي بقي نجمها متلألئًا حتى الثورة في العام 1821م.
في العام 1771، عُيّن مديرًا لمدرسة جبل آثوس فأمَّن على مدى ستّة أعوام خلافة أفجانيوس بولغاريس. سيم كاهنًا رغم مقاومته اتّضاعًا. كان أثناسيوس من الذين دافعوا عن تراث الكنيسة وتصدّوا للمتجدّدين في صفوف الأرثوذكسيّين الذين تسلّلت إليهم الروح الدهريّة، وبنتيجة ذلك عانى ومن معه الإطاحة والنّفي، أضحى النّفي فرصة لحركة عميقة من التجدّد الروحيّ في تساليا وفي الأبيروس وفي جزر بحر إيجه.
ثمّ بعد فترة وجيزة أُعيد إلى الخدمة، واستلم من جديد إدارة مدرسة تسالونيكية التي استعادت نشاطها. عرضت عليه البطريركية في القسطنطينية أن يُسَام أسقفًا لكنّه رفض لأنّه رغب في الحياة الرهبانيّة، فاستقال من إدارة المدرسة وإرتحل إلى باروس، وفي طريق عودته اضطُرّت السفينة للتوقّف في خيوس بسبب الحرب الروسيّة – التركيّة فاعتزل في الجزيرة منتظرًا الوقت المناسب لإكمال رحلته، غير أن سكّان خيوس طلبوا إليه استلام إدارة مدرستهم حتّى ينتهي الصراع القائم. وبعد انتهاء الحرب تمكّن السكان والأعيان من إقناعه بإدارة مدرسة خيو الفلسفيّة حتّى العام 1812م.
في تلك المدرسة علّم اللاهوت والماورائيّات والأخلاق والبيان وعلم المنطق، مبديًا في شخصه مثال السلوك الإنجيليّ الكامل، ولم يتمكّن من الإعتزال في دير صغير برفقة عدد من تلاميذه إلّا بعد أن بلغ شيخوخة متقدّمة. وفي تلك المرحلة كتب العديد من المؤلّفات، كما واهتمّ بنشر فكر المحافظة على شهادة الإيمان ببذل النفس. لذلك كان واحدًا من الذين شجّعوا الشهداء الجدد على بذل دمهم صونًا وأمانة للإيمان القويم. وفي آخر أيّامه تعرّض لجلطة دماغيّة وبعد أيّام قليلة رقد بسلام في الربّ، ولم يوجد عنده سوى ثوب فقير رثّ وقنديل ومحبرة.

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share