هي قريبة الإمبراطور ثيودوسيوس الكبير وابنة أحد أعضاء المشيخة، أنتيغونوس. مات أبوها وهي في سِنّ السادسة فجعلتها أمّها في حِمى الإمبرطور الذي خطبها لإبن أحد الشيوخ المعروفين، على أن يتمّ الزفاف في الوقت المناسب. فرّت إلى مصر مع أمّها التي اجتنبت الزواج ثانية. صنعت الأمّ وابنتها الحسنات حيثما حلّتا وزارتا النسّاك القدّيسين إلى أن بلغتا، في الصعيد، ديرًا فيه مائة وثلاثون راهبةً يسلكنَ في الحياة الملائكيّة. بقيَتا هناك إلى أن حرّكت النعمة قلب أفبركسيا فعبّرت عن رغبتها في ملازمة الدير والسلوك في حياة الفضيلة. بعد أخذ وردّ رضيَت رئيسة الدير أن تقبلها وقدّمتها أمّها للمسيح عروسًا. إثر ذلك جالت الأمّ في الشرق توزّع الخيرات على المحتاجين إلى أن مرضت فعادت الى الدير. وبعدما لفظت رغبتها الأخيرة رقدت بسلام في الربّ. أمّا أفبركسيا فعمِلت على توزيع بقيّة ثروة أمّها على الفقراء والأديرة والكنائس في مصر ليتسنّى لها، من بعد، أن تتابع السيرة النسكيّة بلا همّ. كانت أفبركسيا قد بلغت الثانية عشرة. علم الإمبراطور بوفاة والدتها وأراد إتمام زواجها من الخطيب الموعود فاعتذرت لديه لأنّها صارت عروسًا للمسيح ولا يسعها أن تغادر عريسها السماويّ الخالد إلى رجل مائت. وإذ فعلت ذلك التمست من الإمبراطور أن يوزّع ما بقي من ثروة والديها في العاصمة المتملّكة على الفقراء. مذ ذاك صار بإمكانها أن تنصرف إلى الصوم والسهر والصلاة بكلّ قواها. كانت تتناول الخبز والماء مرّة كلّ أربعة أيّام وتتممّ أعمال الطاعة المسنَدة إليها. خاضت حربًا شرسة ضدّ عدوّ الخير الذي هاجَمها بالأفكار السمجة الملحاحة وسعى إلى القضاء عليها جسديًّا، لكنّها انحفظت بمعونة الله من كلّ أحابيل الشيطان. إحدى الرّاهبات أيضًا ضايقتها، حسَدًا منها، واتّهمتها بالسعي إلى كسب وِدّ الإخوات ضمانًا لخلافة الرئيسة. ردّ فعل أفبركسيا كان الصمت والانكسار إلى أن رفع عنها الربّ الإله التجربة وجعلها في سلام. في سِنّ العشرين اقتنت نعمة صنع العجائب فشفت المرضى وطردت الشياطين. رقدت بسلام في الربّ في سِنّ الثلاثين.