رعاية مرتجاة واقع الرعاية اليوم

كاتيا شماس الحاج عبيد Tuesday August 20, 2024 220

إن مصطلح “الراعي” أو “الرعاية” وبالتالي “الرعيّة” يحمل من طيّاته معنى الإحاطة والتعهّد والمتابعة. فدور الراعي، إذاً، على قدر من الأهمية عظيم، خاصّة وأنّ الكتاب يعلمنا عن “الراعي الصالح” الذي يعي هدف المهمّة الموكلة إليه : أن يقود المؤمن، في الجماعة، إلى الربّ يسوع. ولكي ينجح في مسؤوليته، عليه أن يكون، أولاً، على مستوًى في المعرفة، وثانياً متنكّراً لذاته كي لا يصير متسلّطاً. بإختصار، لا يمكن للجاهل أن يكون راعياً، ولا يصلح للمتسلّط أن يكون كرّاماً في حقل الربّ. وما يُقال عن الراعي يُقال أيضاً عن الرعيّة التي تحبّ راعيها وتتعهده.
غير أنّ من يراقب، اليوم، واقع الرعاية يشهد تبايناً في هذه الصورة، هنا وثمة بعضٌ ممّا يلفت النظر، وأنا لا أريد التعميم، يجعل المشهد الرعائيّ رمادياً يحاكي أحياناً السَّواد:
1- إنعدام الوجه الجماعي على المستوى الأبرشيّ: كهنة كُثر ولكن كلّ يعمل بمفرده.
2- شرذمة على مستوى الرعايا: تحزّبات هنا وثمّة، وكأنّ روحيّة “أنا لبولس وأنا لأبلّس” لم تمت، لا بل هي في أوجها.
3- غياب الوجه الجماعي الأبرشيّ في سلوك بعض مجالس الرعايا وبعض المؤمنين.
4- إمعان في التقوقع، والإنغلاق وغيابٌ للغة الحوار المُحب الذي يقبل الآخر رغم الإختلاف، علماً أن، غالبية الرعاة، متعلمون، يحملون إجازات في العلوم الكهنوتيّة واللاهوتيّة أو الدنيويّة، فما أحوج عالم اليوم، الذي يتغيّر بشكل سريع ومخيف، إلى لغة تَخاطب وانفتاح.
5- ضربٌ لمفهوم الرعيّة الواحدة والوحيدة وظهور مفهوم المؤمن السَّائح الذب يحطّ رحاله حيث يحلو له. المؤذي في الأمر أن ما من أحد يحاول تصحيح هذا السلوك الذي قد تكون له أسبابه، ولكنّه، في النهاية، سلوك خاطئ.
6- إجتياح أفكار العالم الاستهلاكي والإستعراض مقاربات الكنيسة الرعائيّة سواءٌ في جمع المال أو في الإهتمام بالمعابد أو المظاهر الإجتماعية.

أفكار كثيرة لا يتسع لها المجال المتاح. لكنّي أودُّ التشديد على أنّ الرعيّة كيانٌ ثابت نتعهّده ويتعهّدنا. ما من رعيّة مثاليّة، لذا ينبغي ألّا يغيب عن بال أحد مفهوم الإنتماء إلى الرعيّة – مطرح النمو في المسيح بمعيّة الإخوة. نجاح هذه المسيرة رهن وعي الراعي، أولاً، والرعيّة ككُلّ، ثانياً، ورهن رؤية ثاقبة وشاملة على مستوى الأبرشيّة خاصّة.

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share