سليمان تسلم في روسيا جائزة وحدة الشعوب الارثوذكسية: لا استقرار وسلام في الشرق الأوسط دون حل عادل وشامل لقضية فلسطين

mjoa Tuesday January 22, 2013 91

أعرب رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان عن “الأمل في أن تؤدي التحولات الجارية في العالم إلى تحقيق ما تتمناه شعوب المنطقة لنفسها من إصلاح وحرية وديموقراطية حقة تحافظ على الحريات الأساسية وتسمح بمشاركة كل المكونات الحضارية لمجتمعاتها في الحياة السياسية وفي إدارة الشأن العام بصورة متكافئة وعادلة، وفي أن يعي العالم بأجمعه بأن لا استقرار ولا سلام فعليا في الشرق الأوسط من دون عدالة اجتماعية في الداخل، ومن دون حل عادل وشامل لقضية فلسطين ولكل أوجه الصراع العربي الإسرائيلي، على قاعدة قرارات الشرعية الدولية ومرجعية مؤتمر مدريد والمبادرة العربية للسلام”.

 

 

وشدد على أن “الضغط على اسرائيل للسماح للفلسطينيين بإقامة دولتهم يعتبر من مستلزمات تحقيق الديموقراطية في المنطقة، فضلا عن النظر الى ما يجري في سوريا بعين المنطق والتروي والعدالة الدولية والعمل على إطلاق حوار سياسي فيها يمكن مواطنيها من ايجاد نظام يتوافقون عليه”.

وعبر، خلال لقائه بطريرك موسكو وكل روسيا كيريل، وفي حفل منحه وبطريرك جورجيا ايليا الثاني ورئيس شركة الخطوط الحديدية الروسية فلاديمير ياكونين، جائزة البطريرك الكسي الثاني، عن “سعادته واعتزازه بنيل هذه الجائزة، التي تقدم للمرة الاولى منذ 18 عاما الى شخصية لبنانية”، مقدما مكونها المالي الى ميتمين تابعين لبطريركية موسكو.

وإذ أكد الرئيس سليمان أن “هذه الجائزة ستزيده تصميما وعزما في سعيه لتعزيز نهج الحوار والتوافق والاعتدال”، اعتبر أنه “يقع على لبنان والرئيس المسيحي فيه مسؤولية تشكيل الضمانة للمسيحيين في الشرق، لا سيما أن الرئيس مدعوم من الطوائف الاسلامية”، معولا على “الدور الكبير الذي يمكن لروسيا ان تلعبه في هذا الاطار”.

وقائع الحفل
وكان الرئيس سليمان وصل الى كنيسة السيد المسيح المخلص في موسكو، ترافقه السيدة الاولى وفاء سليمان، قرابة السادسة مساء بالتوقيت المحلي (الرابعة بعد الظهر بتوقيت بيروت)، حيث التقطت الصورة التذكارية للفائزين مع البطريرك كيريل، قبل ان ينتقلوا الى صالة المعابد في الكنيسة ويبدأ الحفل، مستهلا بفيلم وثائقي عن الجائزة.

وألقى البطريرك كيريل كلمة اشاد فيها بالمكرمين، مثنيا على “الدور الذي يلعبه الرئيس سليمان في مجال التطوير السلمي للبنان ولجهوده في تأييد الحوار المسيحي – الاسلامي، وكذلك في مجال تقديم المساعدات إلى النازحين السوريين وتعزيز الوحدة الوطنية بين اللبنانيين”.

وسلم الجائزة للمكرمين الذين ألقى كل منهم كلمة بعد عرض وثائقي عنهم ليختتم الحفل بتراتيل دينية ومقطوعات موسيقية.

لقاء البطريرك كيريل
وزار رئيس الجمهورية الذي وصل، قبل ظهر اليوم، الى موسكو، ترافقه اللبنانية الأولى ونائب رئيس الحكومة سمير مقبل، البطريركية الأرثوذكسية في Danilov Monastery، حيث عقد لقاء مع البطريرك كيريل، حضره مطران الروم الارثوذكس في روسيا نيفون صيقلي ومقبل وقنصل روسيا الفخري في لبنان جاك صراف والسفير الروسي في لبنان الكسندر زاسبكين.

في مستهل اللقاء، رحب البطريرك كيريل بالرئيس الضيف في روسيا، مستذكرا زيارته الاخيرة للبنان، منوها ب”العلاقات اللبنانية – الروسية على مر التاريخ”.

وإذ تطرق إلى التحديات التي تواجه الوجود المسيحي في منطقة الشرق الاوسط”، حذر من “أن خروج المسيحيين هو بمثابة تهديد للسلام بين مختلف أطياف لبنان بشكل خاص، والمنطقة بشكل عام”، مشيرا إلى أن “الكنيسة الارثوذكسية لا تزال تركز في اتصالاتها على دعم هذا الوجود وضرورة ان تفهم القوى التي تهتم بالاستقرار في المنطقة ببذل الجهود لوقف الاعمال العسكرية وايجاد الحل السلمي في سوريا”.

الرئيس سليمان
من جهته، شكر الرئيس سليمان للبطريرك دعوته ومنحه جائزة المؤسسة الدولية لوحدة الشعوب الارثوذكسية، مشددا على “أن الانتصار في الصراع القائم راهنا بين الارهاب والتعصب والانعزال من جهة، والانفتاح من جهة ثانية، سيكون للدول التي تعتمد الانفتاح”.

وإذ لفت إلى أن “العالم في المستقبل سيكون في حاجة الى نظام شبيه بالنظام اللبناني الذي يعتمد الديموقراطية التوافقية التي تسمح بإشراك كل مكوناته في إدارة الشأن السياسي في البلاد”، شدد على “أن الديموقراطية في العالم العربي لا يمكن ان تكون واقعية ما لم تشرك الدول مكوناتها في إدارة شؤونها”.

ونوه بأن “أهم مستلزمات هذه الديموقراطية هو تحقيق العدالة في فلسطين، الأمر الذي يتطلب جهدا دوليا للضغط على اسرائيل للسماح للفلسطينيين بإقامة دولتهم والنظر الى ما يجري في سوريا بعين المنطق والتروي والعدالة الدولية والعمل على إطلاق حوار سياسي يمكن مواطنيها من إيجاد نظام ديموقراطي يتفقون عليه”.

واعتبر أنه “يقع على لبنان والرئيس المسيحي فيه مسؤولية تشكيل الضمانة للمسيحيين في الشرق، لا سيما أن الرئيس مدعوم من الطوائف الاسلامية فيه”، معولا على “الدور الكبير الذي يمكن لروسيا ان تلعبه في هذا الاطار”.

مأدبة المطرن صيقلي
وتكريما للرئيس الضيف في روسيا والوفد المرافق، أقام المطران نيفون صيقلي مأدبة غداء في حضور نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف وسفراء عرب واجانب في Archangelsky Pereoulok 15 A، استهلت بتلاوة صلاة مباركة على نية الرئيس سليمان، قبل أن يلقي المطران صيقلي كلمة اكد فيها “القيم الروحية التي نشأ عليها الرئيس وتجسيده الحس الوطني واهتمامه بوحدة اللبنانيين”، مثنيا على “الدور الذي يلعبه من خلال دعوته الافرقاء الى الجلوس الى طاولة الحوار، وسعيه الى الحصول على دعم الدول من خلال رحلاته الى الخارج”.

وإذ هنأ الرئيس سليمان على “حصوله على جائزة مؤسسة وحدة الشعوب الارثوذكسية”، اعتبر أن “هذه المؤسسة وجدت في شخصه المميز شريكا همه وحدة الشعوب”.

وفي الختام، قدم المطران صيقلي إلى الرئيس سليمان أيقونة عربون تقدير وشكر.

كلمة الرئيس سليمان
وألقى الرئيس سليمان كلمة قال فيها: “قداسة البطريرك، حضرة رئيس المؤسسة الدولية لوحدة الأمم المسيحية الأرثوذكسية، غبطة البطريرك ايليا الثاني بطريرك جورجيا، حضرة السيد فلاديمير ياكونين رئيس شركة الخطوط الحديدية الروسية، السيدات والسادة، في مثل هذا الصرح المقدس، تبدو جلية عظمة الأمم، وقوة الروح التي تحتضنها. ذلك أن لا عظمة فعلية من دون قيم، وهي قيم صقلت الكيان الروسي منذ أقدم العصور، وأغنت تراثه الوطني وطبعت صفحات مجده. أشكركم قداسة البطريرك كيريل بطريرك موسكو وكل روسيا ورئيس مجلس أمناء الصندوق الدولي لوحدة الأمم الأرثوذكسية على تخصيصي بهذه الجائزة القيمة، وأشكر كذلك البروفسور Alexeev رئيس هذا الصندوق، مستذكرا روح قداسة البطريرك الراحل الكبير Alexey مؤسس الصندوق، بعبارات التقدير والمحبة. وإذ أعبر لكم عن سعادتي واعتزازي بنيلها من قبل قداستكم، فهي ستزيدني تصميما وعزما، في سعيي لتعزيز نهج الحوار والتوافق والاعتدال، والعمل على إعادة البريق إلى رسالة الحرية والعيش المشترك التي يتميز بها لبنان. وكنت تكريسا لذلك، دعوت من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى جعل لبنان مركزا دوليا من مراكز الحوار بين الحضارات والديانات والثقافات”.

أضاف: “لقد تسنى لي القيام بزيارة رسمية لليونان في الشهر الأخير من العام المنصرم، وها هو العام الجاري ينفتح على زيارة، هي الثانية لبلادكم العظيمة المطبوعة في جوهرها بالتراث والروحانية الأرثوذكسية، لأجد نفسي موضع تكريم من قبل قداستكم. وإذا ما كان مثل هذه الأنشطة يساهم في تعزيز علاقات الصداقة والتعاون بين دولنا وشعوبنا على قاعدة المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، فإنها تساهم كذلك في ترسيخ مثل هذه العلاقات بين مؤسساتنا الدينية والاجتماعية والتربوية، وهيئات مجتمعنا المدني على قاعدة التضامن والتكامل والإخاء. وإذا كنتم تسعون لوحدة الأمم الأرثوذكسية على مقاصد الخير، فما هذا السعي، بطبيعة الحال، إلا خطوة على طريق توحيد مختلف الأمم على قاعدة الإيمان بمبادىء ومثل سامية، والسعي المشترك لتحقيق السلام والعدالة والكرامة الإنسانية، في وقت ما زالت آفات الظلم والعوز والمرض والحروب ومخاطرها تهدد البشرية جمعاء. وليس صدفة في هذا السياق أن تكونوا منحتم هذه الجائزة إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لما يقوم به من جهد لتغليب ثقافة السلام المبني على العدالة وللدفاع عن قضية فلسطين المحقة. وأن تكون هذه الجائزة منحت كذلك للدكتور بطرس بطرس غالي، تأكيدا من قبلكم على التلاقي بين الأهداف التي تسعى إليها كنيستكم ومؤسستكم والأهداف السامية للأمم المتحدة ومقاصدها في مجال خدمة حقوق الإنسان وقضايا التعاون الدولي والأمن والسلم الدوليين”.

وتابع: “تتابعون قداسة البطريرك باهتمام مجرى التحولات الجارية في العالم العربي وطبيعتها لتحديد مدى تأثيرها على حياة الشعوب وكرامة مختلف مكوناتها وهنائها، وانعكاسها على مستقبل العلاقات بين الدول، والحوار الواجب بين الحضارات والديانات. يأمل لبنان من جهته في أن تؤدي هذه التحولات إلى تحقيق ما تتمناه شعوب المنطقة لنفسها من إصلاح وحرية وديموقراطية حقة تحافظ على الحريات الأساسية، ومنها حرية الرأي والمعتقد، وعلى حقوق الإنسان، ومنها حقوق المرأة، وتسمح بمشاركة كل المكونات الحضارية لمجتمعاتها في الحياة السياسية وفي إدارة الشأن العام بصورة متكافئة وعادلة. كذلك، يأمل بشكل خاص في أن يعي العالم بأجمعه بأن لا استقرار ولا سلام فعليا في الشرق الأوسط من دون عدالة اجتماعية في الداخل، ومن دون حل عادل وشامل لقضية فلسطين ولكل أوجه الصراع العربي – الإسرائيلي، على قاعدة قرارات الشرعية الدولية ومرجعية مؤتمر مدريد والمبادرة العربية للسلام”.

وختم: “قداسة البطريرك، لا يسعني في هذا الصرح، إلا أن أستذكر روح غبطة البطريرك الراحل اغناطيوس الرابع هزيم، الذي أسس جامعة البلمند المرموقة، وغمر كنيسته ومحيطه بكبير محبته وعلمه ونوره. وإذ تنطلق الكنيسة الأرثوذكسية الأنطاكية بقيادة بطريركها الجديد والقدير يوحنا العاشر اليازجي، فإني على يقين أن الطائفة الأرثوذكسية اللبنانية الكريمة، التي تشكل مكونا جوهريا من مكونات لبنان والعروبة، سوف تستمر في عطاءاتها ومساهماتها إلى جانب مختلف مكونات العائلة اللبنانية، في إعلاء شأن الوطن، وتعزيز الفكر النهضوي المستنير، من ضمن الحاجة إلى التوفيق بين مستلزمات الحداثة وجوهر قيمنا المشرقية، ومن ضمن ما هي رسالة لبنان وفلسفة كيانه المرتكز إلى الميثاقية والديموقراطية والحرية ونهج الاعتدال والحوار. أشكركم مجددا قداسة البطريرك على الجائزة التي تكرمتم بمنحها إلي، وعلى مكونها المالي الذي يسرني تقديمه كهبة، وبصورة مناصفة، الى ميتم Elizabethan للفتيات وميتم Pavlin للفتيان، التابعين كلاهما لبطريركية موسكو. عشتم، عاشت الصداقة الروسية – اللبنانية، وكل عام وأنتم بخير”.

 

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share