مسيرة صيامنا

mjoa Tuesday April 9, 2013 92

من أجمل ما في صيامنا انه في أيامه الطويلة يبقينا في عمق الروح القدس وعمق روحنا. اذ نستطيب بقاءنا في هذا الجهاد الطيب قاطفين منه أطايب الروح. من جمالات هذا الموسم بقاء كل يوم منه حاملا ارسالا من الروح القدس الى كل منا بحيث يحمل كل يوم الكلمات الجميلة إياها ويطيب النفس بالنعمة الواحدة المستمرة. وهذا يوضح ان القصد الإلهي ان نأكل كلمات الرب كما أمر الرب حزقيال قديما.

عندما يقول السيد: “أنا الخبز النازل من السماء« يريد انه حقا غذاء لنفوسنا بمعنى انه يسكب نفسه في نفوسنا وعقله في عقولنا لنصير معه واحدا كما وعدنا في صلاة الكاهن العظيم التي رفعها الى الآب في العشاء السريّ. والخبز السماويّ يعني اولا كلمته. كذلك يعني القرابين الإلهية. مسيرتنا مع يسوع المبارك مسيرة الى الوحدة معه ووحدتنا به مع جميع البشر.

 مؤسسة الصوم وجدت منذ البدايات لتجعلنا في حركة الى القيامة. لولا الفصح ما وجد الصوم الأربعيـنـي المقـدس. الصـوم فـيـه حـمـية ولكن جوهره أن ننتقل من طعام الأرض الى الطعام السماوي يوما بعد يوم بالصلوات المتاحة لنا والإمساك عن كل ما هو غير إلهي لكي يصبح المسيح ذاته طعاما. هو أراد ان يصبح طعاما لنا. وكما يتحول الطعام الى جسدنا يصير السيد واحدا مع كياننا بحيث يصح قوله: أنا أنتم وأنتم أنا. لقد قال المخلص المبارك: “أبي يعطيكم الخبز السماوي الحق لأن خبز الله هو الذي ينزل من السماء ويعطي الحياة للعالم« (يوحنا ٦: ٣٢ و٣٣).

 معظم الشرّاح يقولون ان المُراد بهذا هو القربان المقدس. هذا صحيح ولكن المراد الأول هو المسيح نفسه المعطى لنا بكلامه اولا ثم المعطى بجسده ودمه الكريمين. نحن نتقبل المسيح مباشرة بالروح القدس وفي صوَر مختلفة بالكلمة الإنجيلية والخدم الإلهية وإلهام روحه القدوس، ذلك الذي يعطي كل إنسان اذا قرأ الكتاب العزيز أو شارك في صلواتنا أو أحب الفقراء وزار المرضى وافتقد الفقراء.

الصيام ليس فقط حمية عن طعام. وهو قبل كل شيء اتحاد روحنا بيسوع وان نقبل كل نعمة منه وان تطابق سيرتنا كل كلامه.

الحمية وسيلة لتذكرنا بأن طعامنا الحقيقي هو الخبز النازل من السماء. نحن نمسك عن خبز الأرض لنتوقع نزول الطعام الإلهي في قلوبنا.

كل ما نقوم به بمحبتنا ليسوع يوصلنا الى وجهه المبارك. كل أشياء الدنيا مجرد وسيلة لنرى وجهه. “ليرتسم علينا نور وجهك يا رب«. اذا لم ينزل علينا هذا النور نبقى في عتمات خطايانا.

الصيام موسم غفران الرب لنا لأنه موسم توبتنا. نحن طلاب وجهه والباقي نعطاه زيادة. الصوم مسيرتنا الى الفصح وفي الفصح تزول خطايانا ونرتقي الى وجه السيد. نوره ينزل علينا كل يوم. في كل يوم نتوق الى الفصح. ونعطى العيد جزئيا يوما بعد يوم حتى لا يبقى فينا أثر للظلام.

 

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share