إقرأ

mjoa Saturday July 27, 2013 171

“إقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الانسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علّم بالقلم علّم الإنسان ما لا يعلم” سورة العلق (1 و2). قراءتك لهذا النص المعتبر منزلا واذا عرفنا ان الاسم في المعاني العبرية يعني القوة أو الحضور، قراءتك لاسم الرب أسلوب لتقول اقرأ الرب اذ يستدخلك كيانه لتعرفه بالحب. الاسم عند العبرانيين هو الذات فالمبتغى ان تقرأ الرب نفسه أي ان تعرفه بما يعطيك من ذاته والا تكون قد اسقطت عليه ما تقوله عنه والمبتغى ان يسقط عليك ذاته.

 أنت في واقع ضعفك تقرأ عنه والمطلوب ان تقرأه بالحب وكل تفسير لا يكشف لك حبه جزئي أو ضعف. ان تقرأ هو ان تصير أنت ما تقرأ أو ان تلاصقه كأنك صرته.

إقرأ الماضي الذي تجلى الله فيه. لا تقرأ الخطيئة لأن فيها العتاقة. إقرأ الله في ما مضى وفي ما حلّ عليك اليوم وفي ما تتوقعه منه غدًا وفي كل زمان. إقرأ أي اسع إلى كل حق تجلى قديما ويتجلى عليك بالحب. لا تخف من الكتب. فيها الغث والسمين لأنه من الممكن ان يتجلى فيك الحق. المهم أبدية الحق لا زخرف ما مضى وما يصير. لا تقرأ فقط ما يرضيك ولكن ما ترضيه حتى تصبح من الحق الذي تجلى اذ تتجلى فيه الآن. أنت لا تأتي من الأقدمين من حيث مضوا ولكن من الحقيقة التي كشفوها لك. وهنا لا فرق بين ما غبر وما يأتيك اذ لا يسوغ ان تأخذ الحق مما مضى فالحق لا يمضي. انه يثبت ويجعلك خادمًا له في الأيام الآتيات. الذين سبقونا فيهم حق وفيهم باطل. تمسك بالحق واترك الباطل اذ تحيا انت من الحق الذي تتقبله بإيمان. لا تأتي أنت ممن مضوا ولكن من الحق الذي كانوا عليه اذ لا يمر عليه زمان.

لا تقدس الماضي الا من حيث حمل الحق. في الماضي جمالات كثيرة وباطل كثير. لا تجعل الباطل يغريك. أنت ثابت في ما ورثته من ربك. الأقدمون ليسوا بالضرورة مرجعًا. فيهم خطايا كما عليهم بهاء. اذ عرفت هذا من الله اقتبسه. بعد هذا نقرأه فيك. أنت لست وريث الماضي الا إذا شئته حالا فيك. أنت وريث الأبدي الذي لا يحول. إقرأ القداسة فقط. قيمها لا تتغيّر. قد يهزأ بك الساخرون ان فعلت لأنهم يكرهون الحقيقة التي تفضحهم. هم يبيدون كالهباء الذي تذريه الريح عن وجه الأرض والحقيقة التي أنت تحمل باقية وتبقيك. الحقيقة لا تخضع لأزياء الزمان العابرة. أنت تصير إلهيا ان تجاوزت الأزمنة إلى ما هو نازل عليك من فوق.

إقرأ الخيرين الذين مضوا ولكن خيرهم لم يمضِ. عاصر أهل الحقيقة الذين لا يمر عليهم زمان. اذ ذاك أنت برؤية الله أبدي مثل كلمته. هو يجعلك كلمته أي كائنا منه. الحقيقة التي فيك ترفعك فوق كلّ زمان.

نحن إذا تحدّثنا في الكنيسة عن التراث لا نكون مجرد مجترين للماضي. الماضي فقط قد استحليناه. ليس لما مضى قيمة الا إذا حمل حقيقة أبديّة. ليس للزمان مكانة في الحقيقة. هو يأخذ منها كلّ قيمته. الحقيقة ليست حقيقة لكونها من زمان سبقك. هي كذلك لأن الله قالها مباشرة أو بمن فوّض إليهم قولها.

الماضي يحمل جمالات القديسين أو أهل الفكر اذا جاء على الاستقامة. نحن لا نقدس التراث لمجرد انه عبر قبلنا. نحن نقدس الحق في التراث.

لا نقرأ الفكر الا لحفظ الخير منه. لأن الخير هو الحق. ولكنك مضطر إلى قراءة كل شيء لئلا يفوتك خير في ما حفظته الشعوب.

إقرأ مما تيسّر لك من التراث لأن الحقيقة في الكثير مما تركه لنا الأقدمون ولكن لا ينحصر التراث في ما ورثته من آبائك. كلّ عظام التاريخ آباؤك. والأقدسون منهم هم الأهم.

قوّم فكرك بما قاله الصالحون. هذا هو الميراث الحق. آباؤنا من كل مكان ان كانوا أهل الحق. الله ترك آثاره في عقول كل الشعوب. لا تتعصّب لقومك ولا لأهل الفكر في قومك. الحقيقة وحدها موطنك ومصدر فكرك وحياتك.

إلى جانب تراثنا الايماني خذ الحقيقة من حيث استطعت وتمسك بها كاملة ولو ذقت الأشياء الجميلة في كل تراث. يجب ان تحب الحقيقة حيثما وجدتها. اجعلها مالكة لك لأن الملك لله وللحقيقة المنبثقة منه. في كل ما تقرأ فتش عن الحقيقة لا عن زخرف القول. كل قولة حق هي من الله. تمسك بها لئلا تموت روحيا. الحقيقة هي وجه الله. اسعَ إلى الله. فيه وجودك وبهاؤك. به تقرأ كل ما هو جميل وحق وخير وبدونه ليس من شيء.

 

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share