رسالة مجلس فرع الكويت الناشيء الى أعضاء مجلس رعية الكويت

mjoa Monday September 2, 2013 160

الرسالة الذي قدمها مجلس فرع الكويت الناشيء في بداية العام الجاري، الى أعضاء مجلس رعية الكويت ونصها مستوحى ومقتبس مما كتبه الاخ كوستي بندلي .

هذه الرسالة ستبقى دائما برسم الغيورين على خدمة الكنيسة
عنوان الرسالة : رؤية لمجلس الرعية

وهذا نصها :

رؤية لمجلس الرعيّة

الآباء الأجلاء

أخواتنا وإخوتنا في رعيتنا المحروسة بالله،
للأمانة والتاريخ ، وحرصا منّا على كنيستنا التي نحبّ، وإيماناً بضرورة المساهمة بحياة كنيستنا على أسس الإيمان الأرثوذكسيّ، نكتب إليكم هذه الورقة نلخّص فيها رؤيتنا لعمل مجلس الرعيّة.

أولاّ– رؤية أرثوذكسيّة
إن التدبير في الكنيسة نتسلمه من التراث الأرثوذكسي المترسخ في الإنجيل إيمانا وحياة، إذ عندها نستطيع أن ننقي عملنا من شوائب التاريخ وخطايا البشر. إنّ تراث كنيستنا فلئم على أن الكنيسة تعتبر عائلة واحدة، هي عائلة المسيح. أعضاؤها كلهم أخوة في المسيح الذي يقول عنه يوحنا الانجيلي انه “مات ليجمع أبناء الله المتفرقين إلى واحد”(يو 11: 51 و 52)، وفي هذه العائلة كل شيء يجري بالتفاهم والتشاور. وفي الكنيسة رعاة، هم المطارنة ومندوبوهم الكهنة؛ هؤلاء الرعاة لهم مسؤولية خاصة في الكنيسة ومقام خاص أيضا. إنّهم يسهرون على صحة الايمان ويقيمون الاسرار التي بها يستمر حضور المسيح بيننا. لكنهم في ذلك ليسوا وحدهم، فالكنيسة مؤلفة من الرعاة ومن الشعب المؤمن. في الرؤية الأرثوذكسية، الشعب ليس مجرد متلقّن ومتقبّل للتعليم والارشاد الصادرين عن الرعاة، انه أيضا مساهم كل المساهمة في كل ما يتعلق بإيمان الكنيسة وحياتها وممارستها ورسالتها؛ ومناط به أن يشارك الرعاة في إقامة الأسرار وفي حفظ الايمان ونشره وترجمته حياة وأعمالاً. هذه المشاركة التي اعتمدت في كنيستنا الأرثوذكسية، منذ البدء، تعبّر عنها قاعدة ذهبية أطلقها القديس باسيليوس الكبير في ما يخصّ القرارات المتعلّقة بحياة الرعيّة، ألا وهي “إن القرارات في الرعية تؤخذ بالتفاهم بين الراعي والرعية”، فتكون الطاعة في النهاية للحق والحقيقة.

ثانياً– الكنيسة كعائلة واحدة لله لإخوة متساوين في الكرامة
في عائلة المسيح ليس من مكان للوجاهة، هذا لا يعني بالطبع أن الوجهاء مقصَون عن الكنيسة. فكنيسة المسيح مفتوحة أبوابها للجميع، لأن “الله يريد أن يخلص الكل وإلى معرفة الحق يقبلوا” وقد كان بين أتباع المسيح أغنياء ووجهاء ، منهم يوسف الرامي ونيقوديموس عضو المجمع اليهودي الأعلى، وربما كان لعازر غنيا أيضا. لكن الوجيه لا يحمل معه وجاهته إلى الكنيسة، حسب تعليم الإنجيل، بل يدعها خارجا. ذلك أن الوجاهة الوحيدة في الإنجيل هي الخدمة. وجاهة المسيح كانت بغسله أرجل التلاميذ، عرشه كان الصليب الذي سُمِّر عليه، تلك هي القدوة التي تركها لنا. علينا أن نسعى معا كي لا تتسرب روح التسلط، التي كثيرا ما تسود في العلاقات الاجتماعية إلى مجتمعنا الرائد الذي هو الكنيسة، فتفسده وتمنعه أن يكون تلك الخميرة التي من شأنها أن تخمّر وتجدد المجتع كله. “ابن البشر لم يأتِ ليُخدم بل ليَخدم ويقدم نفسه فداء عن كثيرين”(متى 20 : 25-28 ).

الوجه الصحيح لكنيسة المسيح تشوه للأسف عندما تنصّر الأباطرة وأصبحت الدولة مسيحية. عند ذاك دخل الكنيسة العديد من الأغنياء والمتنفّذين. بعضهم حاول ولا شك أن يعيش حسب الانجيل وان يعتبر نفسه لا مالكاً لماله بل قيّم عليه ومسؤول أمام الله عن أخوته المحرومين. لا بل أن بعضهم تبع حرفيا وصيّة المسيح فباع كل ما يملك لينفق ثمنه على البائسين. هذا ما فعله القديس أنطونيوس الكبير ابو الرهبنة، وكثيرون غيره عبر الاجيال، ولكن للأسف كثيرون غيرهم اجتهدوا وحتى يومنا هذا، أن يسخّروا الكنيسة لمصالحهم، واستطاعوا، إلى حدٍ بعيد ، أن يستميلوا القيميين على شؤون الكنيسة إلى جانبهم وأن يسيطروا على مؤسّساتها. هكذا نشأ ذلك التحالف الغريب بين الكنيسة الرسميّة والمتنفّذين، وأُقصيت الرعيّة، والفقراء خاصّة. فإذا بنا نرى في مناطق كثيرة، عبر التاريخ الغابر والحاضر، المال سيداً في كنيسة ذاك الذي حذر من عبادة المال، والجاه متحكما في كنيسة ذاك الذي رفض المُلك والجاه، والفقراء غرباء، لا صوت لهم، في كنيسة المسيح الفقير.
المطران قسطنطين مثله كمثل القديس يوحنا الذهبي الفم، جرّد دار المطرانية من كل مظاهر الترف وعاش فيها وما يزال متقشفا. في عصرنا هذا المضطرب، المتأزم، المطلوب أن نعمل جميعا، إكليروس وعلمانيين، من أجل الحفاظ على وجه المسيح البهي، لئلاّ تحجب الممارسات في الكنيسة وجه المسيح المشرق عن الناس، وتشوه هذا الوجه البهي، وتدفع الناس إلى الابتعاد عن الكنيسة.

ثالثاً– قاعدة اختيار الأعضاء في مجلس الرعيّة وطبيعة عملهم
قانون مجالس الرعايا الانطاكي إن طُبِّق، يحلّ الإشكاليتين اللتين أشرنا إليهما أعلاه. فهو يمكنه أن يحيي الرعية، لأنه إن إنتُدِب أعضاء مجلس الرعية على أساس إيمانهم وغيرتهم واستعدادهم للخدمة والأهم التزامهم التعليم والتقليد الارثوذكسي وخاصة ما وصلنا من خبرة الآباء في تدبير شؤون المؤسسات الكنسية، أمكن لتلك الرعية أن تتحول بقيادة مجلسها إلى خلية زاخرة بالحياة ، إلى جماعة نشيطة، عاملة، ملتزمة، جماعة لا تكتفي بإقامة الطقوس وممارسة أعمال الخير بشكل روتيني، بل تهتم بكل القضايا التي تهمّها كعائلة للمسيح، وتحاول أن تجد لها حلاً خلاّقا. عند ذاك يهتم مجلس الرعية، والرعية كلها من خلاله ومعه، بكل ما يتعلق بحياتها كشاهدة لله بين الناس، وخميرة يتخمر بها المجتمع الانسانيّ الذي تنتمي اليه؛ فلا تكتفي بالحلول المجتزءة بل تتناول المشكلة، أي مشكلة، من أساسها وتحاول أن توجد لها الحلول المناسبة على أساس الإيمان الأرثوذكسيّ.

رابعاً: روحيّة الخدمة في المجلس
نحن نرى أنّ على المجلس الذي تنتدبه الرعية للخدمة، أن يبقى على اتصال وثيق بها – دون أن يعلو عليها – على صعيدين :
أولا: إنه لا بد أن يستمد من الشعب المؤمن افكاراً واقتراحات يستلهمها في وضع مخططاته. كما أنّه لا بدّ أن يُطلِعَ الرعيّة على خلاصة مباحثاته ومناقشاته ومقرراته. هكذا تتفاعل الرعية مع مجلسها وتساهم مساهمة فعالة في اعماله وتشعر ذاتها بالتالي ملتزمة بمقرراته ومسؤولة عن نجاح مشاريعه.

ثانيا: وبفضل هذا التفاعل وتلك المشاركة، يصبح من الممكن استنفار كل فرد من افراد الرعية لخدمة القضايا المشتركة. مثلاً،

– يمكن استنفارهم على الصعيد المادي، بتفعيل نظام الاشتراكات ليس على أساس الواجب بل على قاعدة المشاركة فيدفع كل فرد او كل عائلة اشتراكا يتناسب مع مدخوله لتغذية المشاريع الكنسية.

– يمكن لمجلس الرعية أن يعتمد على أعضاء الرعيّة، فيُدعى كلٌ حسب مواهبه للمشاركة. فيمكن مثلا دعوة العامل اليدوي لتكريس شيء من وقته لمشاريع البناء والتأثيث والتجهيز، ورجل الاعمال لإيجاد عبر اتصالاته ليجد عملا للعاطلين عن العمل، والطبيب للكشف على المرضى المحتاجين، والمحامي للدفاع عن من لا إمكانيّة لهم لتوكيل محام … الخ. هكذا يشعر كل من المؤمنين أن عمل الكنيسة إنّما هو عمله، ونشاطها نشاطه، وأنّه مسؤول عن استمراريتها وتقدمها، فيزداد تمسكه بها ويترسخ انتماؤه اليها. ومفتاح هذا كله هو تطبيق نظام مجالس الرعايا الانطاكي.

خلاصة
وإن قد تبدو هذه الصورة التي نرسمها عن مجلس الرعية، وحياة الرعيّة، وطريقة تفعالهما، حلماً جميلا، إلاّ أنّه لا بدّ للمرء من أن يحلم بمستقبل أفضل لكي يتاح له أن يعلو فوق عيوب الحاضر وقيوده، ومن هنا ينطلق عمله من أجل تجسيد ما يصبو إليه .

وبناء على ما تقدّم نقترح التالي:
-إن ننتدب أعضاء مجلس الرعية على أساس إيمانهم وغيرتهم واستعدادهم للخدمة، والتزامهم التعليم والتقليد الارثوذكسي وخاصة ما وصلنا من خبرة الآباء في تدبير شؤون المؤسسات الكنسية.

-أن نعمل بقانون مجالس الرعايا الذي أقرّه المجمع الأنطاكيّ المقدّس.

 

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share