باسم الآب والأبن والروح القدس أمين.
خير ما أقوله عن ألبير أنه كان يتحلى ببساطة المسيح؟ ماذا سأقول؟ ما بساطة المسيح؟ هي أن تأتي الناس من قلبك إلى قلوبهه أو من قلب الله إلى قلوبهم، على رغم كل المظاهر المهنية وغيرها كان ألبير انسانا بسيطًا أي يأتيك مباشرة من قلب الله. وقلب ألبير هو في قلب المسيح، الباقي كان زينة: العقلُ العظيم الذي كان له، ما كان يعتبره الا أداة لقول المسيح لنقل الله. عندما كنت تختلي إليه. حتى في مهنته، يدورُ حتى يكلمَك عن الربّ.
المهنةُ والفكرُ والمجدُ كلّ هذا ما كان عنده إلا منبسطَ الله، وكلُ حديثٍ بغير الله لغوٌ. يبدو المؤمنون الكبار أنهم يتحدثون في كلّ شيء، ولكن شيئًا ما كان يهمهم إلا بمقدار اتصاله بالربّ، لأنهم يحسّون أنهم أضاعوا وقتهم إن حدثوك عن غير الله. اللهُ وحده موجودٌ لأنه وحده الوجود. ألبير لحام على رغم ما كان يبدو عنده من المعارف، ومن النشاط المجتمعي والحرفي، ألبير لحام كان انسانًا بسيطًا ساكنًا الإله، ساكناً للإله، والباقي كان عَرَضاً.
إن حدثتّه عن أي شيء كان يردّك إلى الرب. الربّ ما كان فقط المحور عنده، كان كلّ الوجود، ولذلك ان قصدت ألبير غير ساعٍ إلى الله تكون قد أضعت وقتك، ما كان يهمه شيئٌ آخر. ما كان يرى مجدًا في ذاته، ما كان يعرف نفسه عظيماً. كان يُحسّ أنه فقيرٌ إلى الله وانه يتكوّن بكلّ لفتة من الله إليه، لأننا به نوجد، به نتحرك ونوجد كما قال الكتاب العزيز. علومٌ وحقوقٌ ومحاماة وما إلى ذلك، كلّ هذا كان يسخره لمجد الله ولمحبة الاخوة، هذا قلبٌ لم ألمح يوماً انه كان به غير محبة ، ألبير كان معطاءً، بسخاء، مُتدفقًا، كان بسيطاً طيباً حلواً. كلُ ما كان يبدو عظيمًا عنده ما كان يراه هو إلا انكسارًا في حضرة المسيح. في السبعين سنة التي قضيتها معه ما كنت أسمعُ حديثاً سلبياً عن أحد ولا كرهًا لأحد، ألبير كان غايةً في البساطة، أي غايةً في العلاقة المباشرة بالقلوب لأنه كان فقط قلبا، كلّ ما كان يبدو عنده ذكاء مفرطًا. في الحقيقة كان دفق قلبه الكبير وقلبه هذا كان مسكن الله. ما كان يحبّ الانتقاد والسلبية وما إلى ذلك، لأنه كان يحب الناس جميعاً، إذ يرى نور الله مرتسمًا على وجوههم. ألبير كان فقيراً إلى الله، يحسّ بأنه لا شيء، يسترحم ويعرف انه بحاجة إلى الرحمة.
خلال السبعين السنة من المعاشرة لم ألمح يومًا أنه كان يفتخر بعمل منه أو بفكر فيه، بسيطًا كان للغاية، ذات بساطة مذهلة، ممكن للأذكياء أن يكون بسطاء إذا كانو محبين. هذا كان كتلةً من الحب ومن الفقر الروحي، أي انه كان لا يرى نفسه شيئاً في حضرة الرب. كان يعرف أن الربّ يكوّنه، وبهذا ولهذا كان يحبّ الاخوة، هكذا في بساطة المسيح وفي بركات فقره الإنجيلي.
كان يقرّب إليه مُحبي يسوع، ويعتز بهم، والمذهل انه كان ينكسر أمامهم، يتلاشى في حبهم، إذ كان يرى أن أنوارَ الربِّ مُرتسمةٌ على وجوههم، لم يكن مُمكنًا أن تحسَّ بلمحةٍ من السلبية في كلامه أو سلوكه، لأنه كان مُعطى هكذا، فقيراً طيبا، حاملاً حلاوة يسوع، ونحن كنا نقتدي به وهو لا يعلم، إذ ما كان يرى نفسه شيئاً، هذا هو الكِبرُ يا اخوة في المسيح يسوع، لذلك يذهبُ الآن إلى العلى إلى المساكن السعيدة الطيبة، ليُعاشر القدّيسين في السماويات. في كل ضعفاته التي كنت أعرفها، ما كنت أحسُّ أنه أراد مرّةً أن يبتعدَ عن الرب. كان يحيا في المسيح، وكلّ مقتنيات الدنيا ما كانت تعني له شيئًا، يقلّبها حسب الحاجة، وحسب الموهبة الإلهية، يتناول ما أخذه من الرأفة الربانية، ويبدّدها، بدّد أعطى المساكين فيدوم برّه إلى الأبد. سوف نفتقدُه كثيرًا لأن قلّةً من الناس مثيلتُه. ألبير كان رجلَ صلاةٍ، يتعاطى اللاهوت طبعًا بمعرفة، ولكنَّ حبّ يسوع كان يهمُه أكثر من الفكر اللاهوتي، أعطى ذاته كليًّا، تجوّز هذه الكنيسة أي اعتنق المحبة الكاملة وكشف، لنا، محبة يسوع لنا، لذلك نفتقده، نفتقد بسماته وفرحه والفرح الذي كان يلازمه دائما بالرغم من المُلمات، لم ينفصل مرّة عن الفرح، ماذا الان تحت الأحزان، يمشي إلى الربّ إلى فوق، إلى النور الذي ينزل عليه من يسوع. إذا افتقدت ألبير أنت، لا يعطيك إلا يسوع، لم يكن عنده شيء آخر، لم يهتم بشيء آخر. سوف نذكره كثيرا لأننا نتلّمس فيه دائمًا بصمات المسيح. كنا نطلب المسيح فيه، من هو ألبير لحام؟ هو انعكاس المسيح.
مشيناها نحن معا خُطًا كُتبت علينا. مشيناها في الحب وفي الرجاء وفي الغلبة. كان جهادنا مع ألبير صعبًا للغاية، ما كان كلّ الناس معنا، بعض الذين كنّا نظن أن لنا محبتهم خذولنا، ولكننا مشينا. مشينا دائماً إلى وجه يسوع المنير، وجه يسوع هو الذي يبصره ألبير اليوم، أنه سبقنا إلى هذه المشاهدة، إلى هذا الفرح الأعظم، (ثم رفع سيادته يده كأنه يلقي التحية وأردف) أبصرْ يا ألبير نورَ ربك وامدُدنا به، فنحن لما كنّا نفرح بربّك كنا نفرح بك أيضًا، سلامٌ عليك من الآن وإلى الأبد. أمين