تذكار القدّيسين الشهداء سبسطيانوس ورفقته

mjoa Sunday December 18, 2022 331

sebastianكانت ولادة القدّيس سبسطيانوس في ناربون في فرنسا. نشأ غيورًا للمسيح محِبًّا للخدمة، يتمتّع بمواهب طبيعيّة جمّة. فلمّا بلغ الأشدّ، انضوى تحت لواء الجنديّة رغبة في القربى من المسيحيّين الذين كانوا عرضة للاضطهاد والتنكيل، ليُعين مَن يقدر على إعانته ويشدّد مَن تخور عزائمهم أمام الآت التعذيب. كان كبيرًا في الحرس الإمبراطوريّ وأحد المقرّبين من الإمبراطور الروماني ذيوكليسيانس. وحدث في ذلك الزمان، أنّ أخوَين شابّين من المسيحيّين، مرقص ومرقلينوس، وقعا في قبضة الجنود وتعرّضا لكلّ أنواع الضغط والإرهاب والتعذيب، فقاوما ببطولة وصمدا، فحكم عليهما الوالي كروماتيوس بالموت. وفيما كانا ينتظران ساعة الصفر بين يوم وآخر تعرّضا، وعلى مدى شهر كامل، لمعاناة نفسيّة قاسية. زوجتاهما والأقارب أتوا إليهما بدموع يرجونهما ان يعودا عن قرارهما. وباتا على قاب قوسَين وأدنى من الإذعان لمشيئة الوالي والكُفر بالمسيح. في ذلك الوقت بالذات أدركهما سبسطيانوس، بعون الله، وشجعّهما وقوّاهما بكلام إلهيّ فتشدّدا. وأبطل مفعول هذه الألغام العاطفيّة بروح القوّة والثبات. ومن أقواله لهما، أذكرا كلام السيّد: “أعداء الإنسان أهل بيته” (متى 10 :36) ليسوا أصدقاء لكما أولئك الذين يعملون على صرفكما عن الله”. بمثل هذه الأقوال كان سبسطيانوس يعود إلى الشاهدَين يومًا بعد يوم مثبّتًا أقدامهما حتّى نجح أخيرًا في سعيه، فأنجز الأخوان شهادتهما بفرح الربّ. وقد ذُكر أنّ القدّيس سبسطيانوس هدى أيضًا والدَي مرقص ومرقليانوس، المدعوَّين ترانكيلينوس ومرقيّة، إلى المسيح بعدما شفى ترانكيلينوس من داء المفاصل. كما رسم إشارة الصليب على فم امرأة اسمها زويي كانت قد فقدت النطق ستّ سنوات، فاهتدت هي وزوجها نيقوستراتوس، حافظ السجن، إضافة إلى كلوديوس السجّان الذي أبرأ القدّيس ولدَيه وستّة عشر سجينًا. هؤلاء جميعًا اجتمعوا في بيت نيقوستراتوس حيث وافاهم كاهن يدعى بوليكربوس فبشرّهم بالكلمة وعمّدهم. وذكر أيضًا أنّ كروماتيوس، الوالي الشرّير، سمِع من ترانكيلينوس كلامًا قويًّا حرّك قلبَه فأرسَل في طلب سبسطيانوس فهداه. بعد أن شفاه من داء المفاصل الذي كاد أن يشلّه. وآمن تيبوريطوس ابن كروماتيوس واعتمد ووالده، كان غايوس أسقف رومية يومذاك (283 – 296 م).
استعرت من جديد حملة الاضطهاد على المسيحيّين، وانقسم المهتدون الجدد فريقيَن، فريق خرَج َمن المدينة إلى الرّيف بقيادة بوليكريوس الكاهن وكروماتيوس الوالي، وفريق بقيادة سبسطيانوس بقي في المدينة ليشهد للمسيح بالموت. ونجح تيبورطيوس في أقناع الأسقف غايوس بإعطائه البركة للبقاء في المدينة. الأسقف غايوس هو الذي فصَلَ يومَها في أمر مَن يبقى ومَن يرحل. منذ ذلك الوقت، أخذت المجموعة التي استقرّت في المدينة تُعدّ نفسَها لموت الشهادة بالأصوام والصلوات. وكانت زويي أولى مَن عانى التعذيب إذ أُلقي القبض عليها فيما كانت تصلّي عند ضريح بطرس الرّسول. علقّها الجلّادون برجلَيها فوق النار، فقضت اختناقًا وسط الدخان، ثمّ ألقوا جسدها في نهر التيبر. بعدها قضى ترانكيلينوس وذلك حين خرج للصلاة عند ضريح بولس الرسول فانقضّت عليه زمرة من الوثنيّين ورجمته حتّى الموت. ثمّ جرى توقيف نيقوستراتوس وكلوديوس وكسوريوس وفيكتورينوس فعُذّبوا ثلاثًا ثمّ أُلقوا في البحر. ثمّ تمّ القبض على تيبوريطوس، إثر وشاية من أخ مزيّف ادّعى المسيحيّة. وكذلك أوقف كاستولوس، وكان موظّفًا في القصر، بعد وشاية من الأخ المزيَّف عينِه، فجعلَه الجلّادون على مخلَعة ثلاث دفعات، والمخلعة دولاب يمدَّد عليه المحكوم ويُمَطّ جسدُه مطًّا، ثمّ دفنوه حيًّا. فيما سُمّر مرقص ومرقلّينوس إلى عمود وأبقي عليهما معذَّبين أربعًا وعشرين ساعة ثمّ قضى عليهما الجُند برمي السهام. في كلّ هذه الأحداث كان سبسطيانوس ينفُث البسالة في قلوب جنود المسيح ويدفعهم إلى مواجهة الشرّ الكونيّ الكامن في النفوس.
وأخيرًا جاء دور سبسطيانوس فأوقف أمام ذيوكليسيانوس الذي قرّعه واتّهمه بالجحود للثقة التي كان قد أولاه إيّاها، ثمّ حكَمَ عليه بالموت وسلّمه إلى فريق من النبّالة من موريتانيا. هؤلاء أمطروه بسهامهم حتّى لم يعد موضع في جسدِه إلّا تغطّى بالسهام والدمّ. وجاءت إيريني، أرملة كاستولوس الشهيد، لتُواريه الثرى فألفَته حيًّا، فأخذته إلى بيتِها واهتمّت بأمره حتّى تعافى. فلمّا باتَ بإمكانه الخروج من البيت، توجّه إلى مكان اعتاد الإمبراطور أن يمرّ به وانتظره هناك. فلما مرّ الإمبراطور أظهر سبسطيانوس نفسَه وقرّعه على ظلاماته بحقّ المسيحيّين، فأُصيب الإمبراطور بالذهول ما إذا كان في الحلم أو في اليقظة. فلمّا عاد إلى نفسه، أمر به جنده فقبضوا عليه وأمطروه ضربًا بالعصيّ حتّى قضى. ثمّ ألقوه في حوض المجارير. وقد تراءى القدّيس لامرأة تقيّة اسمها لوشينا وطلب منها أن تُخرج جسَدَه من هناك ففعلَت ووارَته الثّرى في الدياميس عند مدخل مقبرة كاليكستوس. وقد بنى البابا داماسوس (366 -384 م)، فيما بعد، كنيسة فوق رفاته هي إحدى كنائس روما السبعة القديمة.

طروبارية
شهداؤك يا ربّ بجاهدهم نالوا منك الأكاليل غير البالية يا إلهنا لأنّهم أحرزوا قوّتك فحطّموا المغتصبين وسحقوا بأس الشياطين الّتي لا قوة لها فبتوسّلاتهم أيها المسيح الإله خلّص نفوسنا.

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share