قلب الحاكم

mjoa Monday May 19, 2014 111

رئيس البلاد الذي الله يريده هو من كان حسب قلب الله. والباقي يزاد له. ان يكون كذلك يعني انه جمع كل فضائل الحاكم وانه لا يعوزه غير المثابرة عليها. هذا يعني اساسا ان يحكم حسب كلام الله. في هذه البلاد لا نكتفي بقبوله رئيسا صالحا. نريده حاكما. ربما كان هذا لأننا في نفوسنا نرتضي الحاكم العادل ولو استبد لأننا كنا مظلومين في عهود بادت.

 لست اعلم لماذا منذ وقت غير بعيد اسمع نفسي عند الصباح أتمتم باليونانية “يا رب خلص الملك”. وسرعان ما افكر ان هذه هي حاجتنا ولو صار هذا رئيس جمهورية. ربما لاعتقادي ان الله اذا لم يحكم عقول الرؤساء انما يحكمها آخر وهذا قد يكون خطيرا. وفي هذا البلد الناس يريدون ان يكون رئيس الجمهورية هو الأعدل والأطهر. ذلك لأن حسناته هي التي تنعكس في الحكم.
 فيما أكتب هذه الأسطر وقع نظري على ورقة أعددتها لمقال آخر عنونته: “الكنيسة العذراء”. لماذا أتى على فكري هذا النعت وهو في الكتاب المقدس؟ ألشعوري ان الطهارة نادرة في أوساطنا واننا نحتاج إلى قادة يذكروننا بها؟ هل السلامة تأتي دائما من الرأس؟ يبدو ان سكان هذا البلد يفسدهم كثيرا الحكام. ملاحظتي في الكنيسة ان الطهارة لا تأتي عند الكل من القناعة ولكنها تأتي من خوف العقاب. هذا هو وضع العامة ومعظمنا عامة. كان الرهبان الافرنج الذين درست عليهم يقولون لنا ان الخطيئة فظيعة ولكن إشاعتها أعظم. كانوا يسمون هذا عثرة عملا بقول السيد: “ويل لمن تأتي على يده العثرات”.

 في هذه البلاد وربما في كل بلد سلوك رئيسه قدوة. ربما لذلك شدد يسوع على ان خطيئة المسؤول مؤثرة وعظيمة. ربما تقلّد أنت الرئيس لاقتناعك بأنه مؤمن بما يفعل.
 أنت لا تحب رئيسا الا اذا أحسست بأن له من خلال سلوكه علاقة بالله. أصحاب الخُلق العظيم هم عندك أصحاب الله.

 العِلم عند الرئيس حسن ومفيد ولكن العِلم بلا أخلاق باطل. غير ان الأخلاق الحسنة لا تعوض عن العِلم. نحن في حاجة إلى هذا وتلك. ليس فقط في هذا الشرق الذي يعول على الأخلاق ولكن في كل بلدان العالم الفضيلة في الرئيس أهم من علمه لأن فضيلة الرئيس في الحقيقة هي الفاعلة.

 نحن لم نبق في الجاهلية السياسية بحيث نأتي برئيس طيب ولكن لا عقل علميا عنده. السياسة باتت علما. مع ذلك لا نزال على هذا العمق الذي يجعلنا نرى ان أهم ما في الرئيس الحكمة والطهارة وان هاتين اذا توفرتا تمكنانه إلى حد كبير من حكم صالح. اذا كان الحكم يواجه صلاحنا أولا يكون ثمرة لقلب الحاكم.

 الانسان قلب لذلك كان صلاح الحاكم أهم من علمه. الحاكم الصالح ولو لم يكن كثير العلم لا يؤذي. تعوض جهل الحاكم بمستشارين ولكنك لا تستطيع ان تعوض حاكما فاسدا. الحكم ككل شيء فعال في هذه الدنيا قلب. الوضع الأمثل ان يكون عندك حاكم طاهر وفهيم معا. ولكن من كان عالما وبقي على فساده يفسد. العلم مهما عظم لا يعوض الأخلاق إن فسدت.

 الحاكم العظيم من أعطى علمه وخبرته مع أخلاق الله. العلم ندرسه. الأخلاق تنزل علينا من فوق.

 

 

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share