في أدب الإكليل – المطران جورج (خضر)

mjoa Monday July 21, 2014 143

إلى أربعة قرون مضت كان الإكليل يتمّ في القداس الإلهي ككل أسرار الكنيسة. كان شيئًا يخص الجماعة كلها وما كان حصرًا ذلك الشيء العاطفي المحصور في العائلة والأصدقاء. والعروسان يتناولان جسد الرب ودمه، والرب المُعطى في القرابين الى الرجل والمرأة هو الذي يوحدهما وينشئ الزواج.

 بالرغم من انعزال الإكليل عن القداس في الثلاثينات من القرن العشرين يقام يوم الأحد كأثر من آثار القداس وامتدادًا له. وقد منعت الكنيسة أن يُقام في السبوت عشية الآحاد لأن إقامة العلاقة الزوجية عشية المناولة ممنوعة على الناس جميعا ومن باب أولى لا يُقام العرس. مع ذلك دخلت عادات غريبة علينا وتحولت الأعراس كثيرًا إلى السبوت.

russian-orthodox-wedding

وطغى الطابع الدنيوي على الأعراس طغيانًا كبيرًا وأخذت المسرات بالسهر والإسراف في الشرب تحيط بالإكليل وكذلك الاستقبالات الفخمة التي هي معثرة للفقراء وتُبذل فيها مبالغ طائلة من المال ولا أحد يحس بحاجة الجائعين إلى هذا المال المهدور كأن هذا الرباط المقدس المرتبط بالعفة والخشوع يجب أن يكون مناسبة للتفلت. هناك حفلات وموائد فيها الكثير من الوقاحة وما يُعطى للكنيسة في كثرة من الأحيان نزر قليل يحس المسؤولون عن الكنيسة على انه من باب “رفع العتب”.

وقد طغت أيضًا عادة تزيين الكنائس في هذه المناسبات وهي بدعة لأن الكنيسة هي التي تزيننا بأيقوناتها وترتيلها. كل شيء باطل ما عدا زينة المسيح للنفس. ويتبع ذلك طغيان آلات التصوير طغيانًا مزعجًا مقلقًا للصلاة وهدوئها كأن المهم لا ان تجري الصلاة في حضرة الله بل أن تسجّل للذكرى، كأن تسجيل الاحتفال أهم من الاحتفال وعمقه. هنا لا أود أن أناقش الطابع الوثني الذي يحمله هذا التصوير الآلي أعني تثبيت اللحظة العابرة الماضوية اي التركيز المرضي على الماضي ونضارة الماضي وما كان يحمل من فتوة شيء يبدو منافيًا لقدسية كل زمان نحن نحياه.

المسيحية لا تقوم على التذكر بل على طاعتنا لله في الوقت الذي نحن فيه. نحن لتذكرنا العهد الزوجي وطهارته وإخلاصه نرعى المحبة بما تتطلبه من شظف عيش ومواجهة صعاب. ليس الإكليل لنرعاه حنينًا بالصوَر.

غير ان أفتك ما في الأعراس انتهاك الحشمة. غلاء الثياب وجدتها عند النساء وفحشها في كثير من الأحيان ظاهرة وكأن الأعراس هي المكان الأمثل لهتك طهارة العيون. ان الكتاب المقدس يحرّض النساء على الاحتشام الدائم وليس فقط في المناسبات بقوله: “فأريد ان يصلّي الرجال … وكذلك ان النساء يزينَّ ذواتهن بلباس الحشمة مع ورع وتعقل لا بضفائر او ذهب او لآلئ او ملابس كثيرة الثمن” (١تيموثاوس ٢: ٩). عندما تكون نفسها معرضًا للأزياء فكيف يصح أن يقول المرء: “عهدًا قطعت لعيني فكيف اتطلع في عذراء”؟ (أيوب ٣١: ١). ما عدا ذلك الجسد مشاع لكل عين نهمة.

ان من أدرك بهاء السرّ لا يستطيع ان يدنسه بما هو من روح العالم. الصحو والورع والهدوء هي جمالات الإكليل وبها نشارك الفرح.

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)

رعيتي

27 تموز 2014

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share