تجليات دمشقية، أحد شفاء الأعميين والأخرس – الأرشمندريت اليان (بطرس)

mjoa Sunday July 27, 2014 217

تأمل في إنجيل الأحد السابع من متى.
 تأمل وحديث من القلب .
يحدثنا النص الانجيلي عن معجزتين مهمتين تختص الأولى بالعين (الأعمى) والثانية باللسان ( الأبكم).
إذا أن الإنسان الأعمى لا يرى بعينيه لكنه يسمع ويتكلم ويرى بقلبه، سمع الأعميان بعبور الرب يسوع وبدأا بالصياح ” يا ابن داوود ارحمنا” .
أعميان يصيحان وسيصبحان شاهدان ليسوع المسيح، كلمتهما “آمنّا” تكفيهما ليلمسهما الرب يسوع وتنفتح أعينهما.
إن معجزات الرب يسوع كثيرة وتدل على سلطة يسوع ، لتُظهر هذه المعجزات وهذه الاشفية علامة مسيحانية. فرسالة الرسول متى لليهود أن يسوع هذا الذي ترونه هو المسيح نفسه الذي تنتظرونه، وكلمة ارحمنا هنا في النص أُعطيت لنا لتصير علامة ليتورجية، ففي اليونانية “كيريه إيليسون _ ارحمنا يارب” .

1238846331

المسيح هو صانع المعجزات، طارد الشياطين، مقيم الموتى، معطي النور للعميان، ولكنه أيضاً هو المسيح ابن داوود وهذا ما اكتشفه هذان الأعميان، لم يكتشفه أناس منفتحي العيون يسيرون خلف الرب يسوع.
هذه هي المرة الأولى التي يُطلق فيها الشعب هذا اللقب على يسوع، أما يسوع فلم يزل متحفظاً أمام الشعب اليهودي بسبب النظرة السياسية الخاطئة إلى المسيح لديهم، وقول يسوع ” انظرا لا يعلم أحد، وأيضا في مرقص 43:5 عندما أقام الصبية وانتشر الخبر، ولكن يسوع كان قد أوصى ألا يعلم أحد بما حدث، هذا ما يسمى السر المسيحاني لأنه لم يكن قد حان الوقت لإعلان المسيحانية الداوودية.
دخل يسوع البيت، ربما يكون بيت بطرس وهذا البيت فيما بعد سيصبح مكاناً لتجمع المؤمنين، حينها لم يكن لديهم مكان كالمجامع اليهودية، بل اجتمعوا في البيوت. وحيث يحل المسيح في هذا البيت يصبح حضور الله على الارض.
وتحدثَ وتحاورَ الرب مع الأعميين، الملك ليس لديه وقت ليكلم الشعب، لكن يسوع هو ملك من نوع آخر. يقف مع الناس وخاصة أناس لا أحد يهتم لهم ولا يكترث لوجودهم، يحدثهم ويعطيهم سؤال قلبهم. يقف مع إمرأة مريضة، أعمى، أخرس، أبرص أو مشلول وغيرهم من الناس اللذين قد رُفضوا إجتماعياً، ويتوجه يسوع إلى إيمانهم كما فعل مع الأعميين وسألهما : ” أتؤمنان أني أستطيع أن أشفيكما ؟” ، قالا : نعم.
خرج الأعميان شاهدان ليخبرا ويبشرا بيسوع ابن داوود. كما قال الرسل أمام المجلس في أع 20:4 ” لا يمكننا إلا أن نتحدث بما رأينا وسمعنا”.
ثم قدموا إليه شخص به شيطان وهو أخرس لا يستطيع الكلام”. فلما أُخرج منه الشيطان تكلم الأخرس”. لم يقل لنا متى الانجيلي ماذا فعل يسوع بل أعطانا النتيجة، طُرد الشيطان فتكلم الأخرس.
أما الموقف الشعبي تجاه المعجزات فهو الانقسام. “إنقسم الناس فيما بينهم”. جموع تعجبت والفريسيون رفضوا واتهموه أنه برئيس الشياطين يُخرج الشياطين.
أحبائي القراء نحن من أي جموع؟. ماهي صورة الله في داخلنا؟. ماهي صورة الرب يسوع المسيح لدينا؟.
الإنسان لا يشكو فقط من مرض في الحياة الروحية بل إنه يتطلب  علاجات في صميم ذاته. والأشفية التي أجراها يسوع فيها يعلن عن ذاته أنه طبيب النفوس والأجساد. كقوله: “لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى، لم آت لأدعو أبراراً بل خطأة إلى التوبة” (لوقا31:5_32) وهذه كلها تُحيلنا دائماً إلى مآساة أعمق من المرض: فالأعمى يُشفى من دائه، ويُعطى النور ويذهب ليُحدث بما صنع الله به، والأخرس يُخرج منه الشيطان ويتكلم.
فالمعالجة في هذا النص الانجيلي هي اهتمام يسوع بأن يشفي من العمى الروحيّ. وها هو يسعى ليشفي القلب المتصلب الذي شرائع الناموس جعلته أكثر قساوة، والإنغلاق في الخوف والقوقعة التى فرضناها على ذواتنا، وها هو يأتي ليشفي شلل حناننا ويشفي إنغلاق عيوننا عن القريب. بإعطائنا الروح القدس ليحل فينا.
فهل نحن ساهرون نستغيث ؟ بانتظار رحمته علينا، طالبين الشفاء .
لنأت إليه بتوبة مرتلين خاشعين قائلين: ” يا ابن داوود ارحمنا”.

كنيسة القديس جاورجيوس شرقي التجارة  27/7/2014
الأرشمندريت اليان (بطرس) صنيج

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share