إلى الكاهن الجديد ابراهيم دربلي

mjoa Monday March 16, 2015 125

حركــــــــة الشّبيبـــــــــة الأرثوذكسيّـــــــــة

إلى الكاهن الجديد

ibrahim-derbaliالمعاناةُ لغزٌ مُحيِّر. قد ترمي في بحرانِ اليأس وحضن الاستسلام، وقد يوقظ الوجعُ المعانين ويطلقهم شهبًا مضيئة، يزرعون النّور وينشرون السّلام ويبلسمون النّدوبَ ويخفّفون الآلام ويبدّدون، قدر استطاعتهم، الآهات والأنّات.

من رحم المعاناة خرج ابراهيم دربلي. مزّقته، منذ يفاعه، جراحات أثخنت الجماعة المؤمنة. ازداد حسّه بالوجع لـمّا انضوى، مع أتراب له، يعمل في حركة الشّبيبة الأرثوذكسيّة، ويتحلّق معهم حول الكلمة المحيية دارسًا ومتأمّلًا ومصلّيًا وملازمًا خدم البيعة، لعلّه يبلغ إلى معرفة الحقّ. والمعرفة هذه هي تلك القائدة إلى العلاقة الشّخصيّة الحميمة مع المسيح الّذي هو “الطّريق والحقّ والحياة”.

إلى معرفة الله، الّتي سعيت إليها وما زلت عبر الكلمة والصّلوات والأحبّة الأخوة، جمعتَ علوم الدّنيا، العلميّ الطّبيعي منها والتّاريخيّ الحضاري. هذه كلّها معوان لك في ورشة الحبّ الّتي انتدبك الله إليها منذ شبابك.

ترك ابرهيم دربلي التّذمّر والتّشكّي، وهما كثيرًا ما يشدّان المتألّمين فيتلهّون بهما ويظنونهما بلسمًا.ساعدته الجماعة الشّبابيّة الّتي عمل معهم منذ نعومة أظفاره أن يكتشف، مع سواه، أنّ التّذمّر الّذي نظنّه فعلًا مداويًا ما هو إلّا أرقم سامٌّ. فاستجاب للدّعوة الإلهيّة الّتي ذاقها غيره من الشّباب سحابة سنوات الحراك ضمن الكنيسة الّذي ما زلنا نعود إليه سنةً إثر سنة للمرّة الثّالثة والسّبعين هذا العام. وكأنّي بالكاهن الجديد يلبّي طلب الشّاعر الهادر القائل: “كنْ بلسمًا إن صار غيرك أرقما”.

ما أفصح هذا القول: التكرّس بلسم والتّذمّر أرقم. التكرّس فعل إبداع والتّذمّر حالُ ركود. الفعل جدّة والرّكود أسْن.

أبتِ، لقد قادك ربّك، عبر هذه الجماعة الّتي تصلّي معها، منذ طفوليّتك إلى بِرْكةٍ يحرّك ماءها الرّوحُ النّازلُ من فوق. فتقوى برعيّتك وتقوّيها، ترشدُها وترشدُك، تقدّسها وتقدّسُك.

ثقْ يا أبانا، وقد تمّت رسامتك في أحد رفع الصّليب الكريم، أنّك ستبقى دومًا معلّقًا على الصّليب مع العائلة الّتي أعطاك الرّبّ إيّاها، مع ليليان العزيزة وسبيرو وهادي الحبيبين. وهذا الصّليب هو مرقاتكم إلى عتبات الضّياء ووهج القيامة.

إنّك ثمرة صلاة الإخوة في هذه الرّعيّة وغيرها، إنّك غرستها اليانعة وفلحها. تفرح اليوم معك وتصلّي من أجلك بإمامة الأبوين إبراهيم وجبرائيل وبركة راعينا المتروبوليت أفرام وصلوات المطوّب الذّكر المتروبوليت الياس الّذي وضع يده على رأسك يوم شرطونيّتك شمّاسًا.

صلاتنا في هذا اليوم أن يتقبّل الله خدمتك وأن يكون روحه القدّوس مرشدًا لك وهاديًا، وأن تزهر الآلام الّتي ذقتها منذ شبابك في جنّات كنيسة طرابلس والمدى الأنطاكيّ. وتأكّد أنّنا حاملوك دائمًا في الدّعاء والتّضرّع والحبّ.

شفيق حيدر

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share