كلمة المطران باسيليوس (منصور) في أحد حاملات الطيب

mjoa Monday April 27, 2015 95

كلمة المطران باسيليوس (منصور)مطران عكار وتوابعها
الإخوة والأبناء الأعزاء،
نعايدكم من جديد بمناسبة الأعيادة المجيدة، وأسأل الله أن يعيدها علينا وعليكم سنين عديدة بالخير واليمن والبركات، وأنتم رافلين بثوب القداسة والسلام والإطمئنان. نكتب إليكم في إفتتاح هذا الأسبوع وبداية السنة الليتورجية الفصحية لنؤكِّد على معطى واحد من فوائد حياة الصلاة والعبادة التي عشناها. وفي البدء سنقسِّمُ المصلين الى عدة أنواع:
1- الذين يهتمون بالأيام الكبرى فيه، أي في الصوم. وهذه الأيام هي الشعانين، الجمعة العظيمة والهجمة أي صلاة ما قبل قداس الفصح.

Motran-mansour2- الذين يهتمون عادة بأغلب فترة الفصح أو بكاملها. هؤلاء يجنون شيئاً في الحياة الروحية لأنهم صبروا مع الله.
3- المؤمنون الذين يعيشون حياتهم الصلاتية كل أحد، وفي الأعياد الكبرى والصوم الكبير بكامله، وهؤلاء في أغلب الأحيان لا يتجاوز عددهم الثلاثين بالمئة من أبناء الرعية. وفي بلادنا الذين يهتمون بكل الحياة الليتورجية الكنسيّة لا يتجاوزون العشرة بالمئة. مع أن حياة الناس تكوّنت حول العبادة وأعيادها وأيامها، وهكذا كنا نسمع الناس يتكلمون حول إرتباط حياتهم، وأعمالهم، وأشغالهم بالحياة الليتورجية، ويتواصلون فيما بينهم على هذا الأساس، وهذا هو بيت القصيد وما سنكتب عنه في توجهنا بمناسبة الأحد الجديد إليكم.
بمناسبة أيام الصوم والحياة الليتورجية تقوى الحياة الإجتماعية بين الناس، ويشتدُّ اهتمامهم ببعضهم البعض، تكثر بينهم الإلفة ويحاولون أن يقللوا من المشاكل والشحناء والبغضاء ليتفرغوا بكليتهم للإهتمام بالعلاقة مع الله، والمصالحة مع الذات، وليكتسبوا هدوءاً شخصياً، وهكذا الهدوء عند الأشخاص يتحوّل الى هدوء إجتماعي، وهكذا كان الوضع عندما كان المؤمنون يصوغون مجتمعاتهم وعلاقاتهم. ولكن اليوم أي في أياما هذه، صارت المجتمعات والإيديولوجيات تصوغ للمؤمنين مجتمعاتهم وعلاقاتهم فيما بينهم ومع الناس، فخفّ تأثير الحياة الكنسية على خُلُقِ واقعِ حياةِ المؤمنين ونموّهم الروحي.
فما كان يسمعه المؤمن قديماً من كلمات كان الناس يصيغونها عباراتٍ مؤثِّرة في حياة الأشخاص كالكلمات التي كنا نسمعها هنا وهناك (حرام، خطيئة، هذا لا يرضِ الله، عيب، أهكذا علّمنا المسيح. هل يتوافق هذا مع ما يريده المسيح منا وغيرها من الكلمات المهذِّبة للنفس)، واستبدلت في هذه الأيام بما يقابلها من كلمات أنانية وفرديّة والتي تدل على الأهواء والمصلحة الشخصية.
إن كلمة ليتورجيا تعني العمل الجماعي. ومعروف جيد وثابت في الأذهان أن القداس الإلهي في الكنيسة الأرثوذكسية لا يقام بأقل من ثلاثة أشخاص. ومن شروط إقامة (سيامة) أصحاب الدرجات الكهنوتية أن يكون هناك الشعب والصلوات الليتورجية أي القداس الإلهي خاصة وباقي الصلوات عامة، لا تُقام لأجل شخص واحد حتى ولو طلبها الشخص لأننا سنجد فيها الصلوات والطلبات من أجل الناس مجموعات مجموعات. الذين في الأسر، الذين في الأمراض، من أجل خصب ثمار الأرض، من أجل المسافرين، من أجل الشعب الواقف معنا والخاطرين في فكر كل واحد منا. من أجل إتحاد كنائس الله، من أجل سلام كل العالم. نعم هناك القليل من الطلبات الفردية من أجل رئيس البلاد أو ملكها، من أجل البطريرك أو المتروبوليت أو رئيس الكهنة. وفي صلوات الباركليسي أو مسحة الزيت المقدَّس قد يذكر طالبها لوحده في بعض الطلبات والصلوات.
إذاً أيها الإخوة الأحباء، العبادة الأرثوذكسية هي سبيل ناجحٌ في مداوات مرض العلاقات المتدهورة بين الناس، بسبب تدخلات شتى، فلسفية وعلمية، والتي صارت عند بعض الناس موجِّهة لحياتهم ولمصلحتها بدلاً من أن يوجهوها لمصلحتهم ولتكوِّن طعماً مفرحاً في حياتهم.
إن الكثيرين من المغتربين في شتى بقاع العالم يتآلفون فيما بينهم ويتواصلون من خلال الحياة الكنسية، ويقيمون المناسبات، مثلاً يجتمعون بعد القداس الإلهي فيزدادون معرفة فيما بينهم، ويثبتون أواصر الصداقة والعلاقة، وبعد ذلك يتواصلون في أيامهم العادية. ويتعرف المؤمنون على بعضهم خلال هذه اللقاءات الليتورجية وما بعدها، وقد أنشئت الصالات لأجل تقوية هذه العلاقات. ونجدها قد نجحت نجاحاً تاماً.
الحياة الإقتصادية اليوم جعلت من بعض المسيحيين يفتخرون بأنهم يفتحون محالَّهم التجارية أيام الآحاد والأعياد الكبرى، ونعرف جيداً أنهم لا يستفيدون بما يعادل خسارتهم الروحية والإجتماعية. أتمنى من المسيحيين عدم التعامل مع هذه المحال لأنها قاتلة لهويتهم بطريقة مباشرة.
إذاً أيها الإخوة الأحباء، بعد هذا الغيض من الفيض في الحياة الإجتماعية وتأثرها بحياة العبادة، لا نهملنَّ ربحاً عظيماً بهذا المقدار تكلفنا خسارته في كثيرٍ من الأحيان إنسجام عائلاتنا، ويخلق الإضطراب في ذواتنا، ويبعد عن نفوسنا فرحها وسلامها.
أسأل الله أن يهبنا أن ندرك بالعمق ما هو لصالِحنا وخلاص نفوسنا.
وكل عام وأنتم بخير.
نشرة البشارة

26 نيسان 2015

                       

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share