الرُّوح القُدُس – المطران افرام (كيرياكوس)

mjoa Monday June 8, 2015 64

الرُّوح القُدُس – المطران افرام (كيرياكوس)
 
يقول القدّيس سيرافيم ساروف: “غاية الحياة هي اكتساب الرُّوح القدس”. كيف نفهم ذلك؟.
 
لقد نزل الرُّوح القدس على التّلاميذ في يوم العـنصـرة. ويقـول القدّيـس يوحـنّـا الـذّهـبـيّ الـفـم:
 
“إن الرُّوح القدس نفسه نزل علينا في ساعة المعموديّة”، وجعلنا هياكل للرُّوح الإلهيّ. ويوضح القدّيس غريغوريوس بالاماس: “إنّ الرُّوح القدس أُعطي في الماضي للأنبياء من الخارج وبصورة مؤقَّتَة، ذلك لمساعدتهم على إعطاء رسالة معيَّنَة. أمّا الآن، فقد مُنِحَ لنا بصورة دائمة وداخِلِيًّا”. بعبارة أخرى، أصبحنا نحن المؤمنين بالمسيح إناءً له: الله قائم، ساكِن فينا بالرُّوح القدس. فكيف يقول القدّيس الرّوسيّ المعاصِر علينا أن نكتسب الرُّوح الإلهيّ في حياتنا؟!.

pentikostiيوضِح الآباء القدّيسون، منذ القدّيس إيريناوس إلى القدّيس ذياذوخوس فوتيكيس، وأخيرًا وليس آخِرًا القدّيس غريغوريوس بالاماس، أنَّنا نأخذ في سرّ المعموديّة المقدّس زرعًا إلهيًّا (semence divine) هو بمثابة قوّة إلهيّة غير مخلوقة، كامِنَة في أعماق قلوبنا (énergie divine non créée en potentiel).

هكذا فإنّ الرّبّ، احترامًا لحرّيّتنا، لا يَفْعَلُ فينا، أي لا تتحوّل هذه القوّة الكامِنَة (potentielle) إلى قوّة فاعِلَة énergie cinétique effective)) إلاّ بإِرداتنا، أي عندما نبادِرُ بالخطوة الأُولَى. هكذا تبدأ نعمة الرُّوح القدس تَفْعَلُ فينا، وفي كلّ أعضاء الجسد حتَّى الحواسّ، كما يفصّل القدّيـس باسـيليوس الكـبير قائـلًا:

“تصبح عيوننا ونظراتنا نظرات الله، وسماعنا سماع (آذان) الرّبّ… وحتَّى أفكارنا أفكار الرّبّ”. هكذا يفسّر الآباء القدّيسون عمل الرّوح القدس في الإنسان.

إذًا، اكتساب الرّوح القدس في حياتنا هو عيشنا حياة الرّبّ يسوع، الإله-الإنسان كامِلًا، ذلك من خلال حياتنا في البيت، في العائلة، في المدرسة، في العمل المهنيّ والاجتماعيّ، عيش الفضائل المسيحيّة من محبّة وتواضع…
“ثمر الرّوح هو محبّة فرح سلام طول أناة لُطْف صلاح إيمان وداعة تعفُّف” (غلاطية 5: 22). هذا هو الماء الحيّ الَّذي أعطاه الرّبّ يسوع إلى السّامريّة عند بئر يعقوب، والَّذي تكلّم عنه يوحنّا الإنجيليّ بقوله:

“إن عطش أحد فليُقْبِل إِلَيَّ ويشرب. من آمن بي تجري من بطنه أنهار ماءٍ حيّ. قال هذا عن الرّوح الَّذي كان المؤمنون به مزمعين أن يَقْبَلُوه” (يوحنّا 7: 37-39).

* * *

نحن، أيُّها الأحبَّاء، نجد، في أوان الفصح والعنصرة، معنى الأعياد السّيّديّة والتّعبير عنها في حياتنا بالعبور المتواصِل (Passover) من الخطيئة إلى الطَّهارة، من الألم إلى الفرح، ومن الموت إلى الحياة.

نشرة الكرمة

06 حزيران 2015

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share