الجهاد الروحي

mjoa Saturday January 24, 2009 502

عناصر الموضوع :

 

1- الجهاد الروحي والتوبة.
2- النسك.
3- الجهاد الروحي.
4- المواقف العملية في درب الجهاد الروحي.
5- المعوقات الأساسية لعدم التقدم في الجهاد الروحي.

1- الجهاد الروحي والتوبة :

الجهاد الروحي هو التعبير الدائم عن حياة التوبة, هذه الحياة التي لولا الخطيئة لما وجدت، والخطيئة هي التي أعطت لهذا الجهاد الروحي لونه وجوهره وشكله، فالتوبة التي هي انسحاق القلب لندامة صادقة, وتغير وتحويل في النفس البشرية، ذلك التحويل الذي يعيد النفس إلى ما كانت عليه قبل الخطيئة, لكي تكون دائماً وأبداً متجهة نحو الله على صورة تمجيد وتسبيح. النفس البشرية التي لا تمجد الله ولا تسبحه في كل حين, هذه النفس لا تعرف التوبة ولا تعرف الجهاد الروحي، لذلك فإن المعيار الذي به تكون النفس البشرية في طريق تغيرها و عودتها الصحيحة من خلال أنها تمجد الله في كل حين: (أمجد الله في كل حين ) وبالتالي (أسبح الله وأرتل باسمه ما دمت موجوداً). بقدر ما أمارس بصورة عفوية وتلقائية التمجيد والتسبيح أكون في مسيرة سوية في درب الجهاد الروحي، وبتوبة صادقة أتغير من خلالها لأقوّم درب الخطيئة وأعود وأحيا مع الله في حضنه الأبدي. هذا المسلك يملي علينا منهجاً من الحياة سُميّ النسك، فما هو النسك الذي من خلاله نتعرف على الجهاد الروحي كمسيرة طويلة تتجه ولا تنتهي إلا عندما نكون في إزاء الحضن الأبدي ؟

2- النسك :

إن الموضوع الذي نتناوله اليوم هو من المواضيع الحياتية التي نفهمها من بابها العام الذي هو النسك.
النسك هو النشاط الإيجابي لتحرير النفس، هو التمرين على الفضائل والقضاء على الرذائل والعادات الشريرة. لذلك فإن هدف النسك هو ضبط الجسد وقمعه، وعندما نقول ضبط الجسد وقمعه نعني أن للجسد دور أساسي في حياة الإنسان، فالجسد ليس صفة مادية لا دخل لها في الحياة الروحية أو النسكية، بل للجسد دور رئيسي لأنه يؤلف مع النفس الوحدة الحقيقية للإنسان، ونحن دائماً نتحدث عن الإنسان، فالإنسان بدون الجسد لا يستطيع من خلال حياته الروحية أي شيء. يجب إذاً أن نحقق ضبط الجسد وقمعه والابتعاد عن كل الانحرافات. وبالتالي نبتعد عن الطريق المتطرف أو الخاطئ فيما يسمى قمع الجسد, لأن بعض الناس منذ العصر الأول المسيحي فهموا ضبط الجسد بصورة فيها من المغالاة بقدر ما عند رفاقهم من عدم الاهتمام بقمع الجسد. وصار هناك بعض الناس الذين يحيون بكثير من الاحتقار للجسد والابتعاد عن الحياة المادية حيث أن الرسل اضطروا أن يصيغوا القانون “51” الذي ينص على ما يلي 🙁 كل أسقف أو كاهن أو شماس أو من زمرة الكهنوت بالجملة ، أو أي فرد من الشعب،امتنع عن الزيجة واللحوم والخمر، لا لقصد النسك بل لكونه يشمئز منها على أنها دنسه مرذولة، ناسياً ما قيل بأن كل الأشياء هي حسنة 1 تى ( 4:4 ) فإما أن يتقوّم أو أن يقطع ويطرح من الكنيسة).

النسك على صعيد آخر يشمل كل ممارسة صادقة لأي وصية إنجيلية. فالآباء الأوائل يعتبرون الصوم والصبر على الآلام والتعذيب والسجن من أجل اسم يسوع، من أجل حفظ الإيمان، يعتبرون ذلك درب أساسي من دروب النسك, نحن بحاجة إليه في كل حين. ونحن في كل حين عندما نرى الاضطهادات الداخلية والخارجية نزداد حاجة لهذا النسك، وربما اليوم نحن في أكثر الأزمان التي تمر بها نهضتنا الروحية. لهذا يسمي اثناسيوس الكبير هذا اللون من النسك “أعظم نسك “
والناسك هو الذي يداوم على الصلاة, والطلبة, كما عبر القديس كيرلس الأورشليمي. ومعتبراً أيضاً أن حنة التي أتى الإنجيل على ذكرها هي الأنموذج الأول للإنسانة التي عاشت الصلاة والطلبة. والذي يعيش منكراً لذاته تعتبره الكنيسة ناسكاً كما أفاد كيرلس الاسكندري. وكذلك فإن الذهبي الفم يعتبر كل من يمارس الفضيلة الإنجيلية هو ناسك لأنه يدرب نفسه ويضبطها. أما الذي يتخصص في خدمة الفقراء حباً في التقوى, فإن الكنيسة تعتبره ناسكاً حسب ما أفاد يوسابيوس. إذاً هناك ألوان متعددة من النسك تتناسب مع المواهب التي يتحلى بها الإنسان مختلفاً عن الإنسان الآخر بفرادة خاصة. من خلال هذا يحق لنا أن نطرح السؤال التالي فمن هو الناسك إذاً ؟

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share