قوّة الصلاة – المطران جورج (خضر)

mjoa Thursday August 6, 2015 147

قوّة الصلاة – المطران جورج (خضر)

إنجيل اليوم عن ولد مصاب بداء الصَرع. في الماضي كانوا يعتقدون أن هذا الداء مرتبط بالشيطان. نقرأ في الإنجيل أن يسوع شفاه، ولما سأله تلاميذه: لماذا لم نستطع نحن أن نشفيه؟ قال لهم: لعدم إيمانكم. ثم أضاف: “لو كان لكم إيمان مثل حبّة الخردل لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من ههنا إلى هناك فينتقل ولا يتعذّر عليكم شيء”.

 لماذا يستطيع المؤمن كلّ شيء؟ لأن المؤمن يصبح إلهيا، يتمتع بقدرة الله عينها، أي ان المؤمن الحقيقي هو الذي يعتبر الله اسمًا له.

prayكلمة المؤمن من مأمن. المؤمن يَعتبر الله له مأمنًا، مكانًا حصينًا يرجع اليه ويسكن فيه. الإنسان المؤمن لا يتّكل على قوّته الذاتية، لا ينطلق من قوته الذاتية، لا يحسب حسابات البشر بل ينطلق من قوّة إلهية صارت فيه. المؤمن يرى الله أمامه في كل حين. عندما مشى الرب على المياه طلب بطرسُ أن يأتي ماشيا على المياه هو أيضًـا. ومشى بطرس على المياه لأنه كان ينظر الى وجه المسيح. لكن لما رأى الريح، أي عندما أزاح نظره عن المسيح، أخذ يغرق. كان بطرس مؤمنًا لما كان ينظر إلى المسيح، وفي لحظات فقد إيمانه إذ صار كيانه مرتبطًا بالعاصفة. في البدء كانت شخصيته مرتبطة بالمسيح ومشى على البحر، ثم صارت شخصيته مرتبطة بشخصه، ولم يعد مؤمنًا حقا بالمسيح. لذلك يقول الإنجيل اليوم ان التلاميذ لم يستطيعوا أن يشفوا المريض لقلة إيمانهم، لأن الله لم يكن فعّالا فيهم.

ولما قال لهم السيد ان المؤمن يستطيع أن ينقل الجبال، فإن ما قصده هو أن لا حدود ولا صعوبات تقف أمام المؤمن. يتخطاها جميعا، يتخطّى المرض ويتخطّى الفقر، ويتجاوز الخطيئة بالتوبة، ثم يتخطّى الموت. الموت أعظم صعوبة تواجه الانسان، أكبر عدوّ له. يدخل المؤمن في الموت وكأنه داخل في الحياة لأنه يعرف أن الحياة تأتي من بعد الموت كما أن المخلّص قام من بعد الصليب.

بعد الكلام عن الإيمان، قال الرب لتلاميذه: “هذا الجنس لا يخرج الا بالصلاة والصوم”. حتى يستمر المؤمن بالإيمان، عليه أن يناجي الله. الإيمان لا يُكتَسب ويبقى هكذا من تلقاء نفسه، علينا أن نتروّض عليه، أن نتربّى عليه، كما ان الصحة لا تبقى إن لم نُروّض أجسادنا على الطعام الجيد والمناخ الجيد والرياضة البدنية، والعقل لا يبقى إن لم نتثقّف باستمرار. لا شيء يبقى بدون تربية. من أجل ذلك قال الرب لتلاميذه: لا يكفي أن تؤمنوا مرة واحدة. عليكم أن تغذّوا إيمانكم بالحديث مع الله. هذه هي الصلاة. الصلاة حديث المؤمن مع الله إذ يشعر بأن الله قوّته.

الإيمان يُغذّى بالصلاة، يُغذّى بالصوم. والصوم لا يعني أن نمتنع عن أكل الزفر فحسب. معناه العميق والأهمّ هو أن نعفّ عن كل ما يُدمي العقل، وكل ما يُدمي العين، وكل ما يؤذي السمع. على الانسان أن يقطع العلاقة بينه وبين مصادر الشرّ، أن يتطهّر بالمحبة اليومية، أن يمتشق السبيل الى الله بالصلاة.

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)

نشرة رعيتي

09 آب 2015

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share