الحياة بالروح القدس – المطران جورج (خضر)
في الرسالة إلى أهل غلاطية رأى بولس ان المسيح يحيا فيه. في العقيدة نقول انه يحيا فينا بالروح القدس. فكما أن الروح القدس هو في جسد المسيح في موته وقيامته، هو صار فينا بالمعمودية التي هي إماتة للخطيئة وحياة جديدة بالروح القدس.
وحدتُنا بالمسيح ليست بتجسّد له آخر. مشاركتُنا إيّاه هي بالروح القدس بمعنى أن هذا فيه وفينا. هو في كيانه الجسديَ الذي حيا من بعد موت. الروح القدس ليس فقط في الكيان الإلهي في المسيح ولكن في جسده أيضا وتاليا في الكنيسة. الروح القدس نزل على جسد المسيح وينزل في الكنيسة ويسكنها.
وحدة الله مع المسيح وحدة جوهرية لأن المسيح في كيانه الإلهي غير مخلوق. هو في الكنيسة يعطي ذاته إيّانا. نصبح معه واحدًا بنعمته أي هو يجعلنا واحدًا معه. أنت لست شريكه في الجوهر لأن جوهرك مخلوق، ولكنك معه بالنعمة التي يُنزلها عليك. ما هذه المعيّة التي بينك وبين الله؟ هي أن الروح القدس الواحد في جوهره مع المسيح يصبح واحدًا معك بنعمته أي بمشاركتك النعمة التي فيه. والنعمة غير مخلوقة.
نحن هنا في السر الكامل. لا يمكن ان نفهم بشريا كيف أن غير المخلوق يسكُن المخلوق ولا يصير إياه. كيف يدخُل الله إلينا ويبقى فوق ومن فوق؟ كيف يتم اتحاد الله بالإنسان؟
سؤال لا جواب بشريًا عنه. المعطى الإلهيّ أن المسيح يسكن فينا ولا نعرف الكيف. المسيحية تقول ان المحبة مسكن الله مع الناس، وان كلمة المسيح الوحيدة الينا أن “أَحِبّوا بعضُكم بعضا كما أنا أَحببتُكم”.
تجلّى لي من تأملاتي أن المعمودية والزواج والموت كلها تسميات للمحبة الواحدة، وأن هذه المحبة هي المسيحية بمعنى أن أي نظام كنسيّ أو ترتيب كنسيّ ما زاد شيئًا على المحبة. الكهنوت والزواج والدفن وما إليها كلها تسميات لتقول المحبة الواحدة.
ولكن في الدنيا تحتاج إلى لغة. أنت لا تحتاج إلى لغة لتتكلم مع الله. هو لغتك. أنت في الدنيا مضطر أن تكتب لاهوتًا لأن الناس يتحدّثون. ولكن في الأصل إذا أَحببت فأنت دخلت في الخطاب. هو كل الكلام.
وكلام الله اليك بالإنجيل وفي روحك يعطيك الكلام الصحيح، ويكون هذا مطابقًا لكلام الله. هذا سر كيف تقول كلامًا يعتبره الروحانيون لله وهو صادر عنك. الحقيقة أن الله يتكلّم فيك بالروح القدس. معناك مطابق لمعناه. هذا سر، كيف يكون لله ولك معًا. الجواب أن روح الله أو الروح القدس هو فيك بالعظمة. هو يوحي لك فيأتي كلام من قلبك المملوء من الروح القدس. هذا يعني أن قلبك المتقدّس بالروح الإلهي ينطق بكلام هو في حقيقته نازل عليك من فوق.
جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)
نشرة رعيتي
25 تشرين الأول 2015