تبرير أنفسنا وادانة الآخرين- المطران بولس (بندلي)

mjoa Wednesday October 28, 2015 157

تبرير أنفسنا وادانة الآخرين- المطران بولس (بندلي)
أيها الأحباء كثيراً ما نقول عن الآخرين أنهم خطاة…. كثيراً ما نصرخ أنهم أبناء هلاك ولن يخلصوا… كثيراً ما نؤكد أنهم لا يستحقون أن يدخل الله حياتهم ونتضايق قائلين: فلان من الناس محكوم عليه سلفاً لأنه يسرق أو يزني أو يكذب ولم يترك خطيئة الاّ وفعلها…

من أقامنا لندين بعضنا بعضاً، من خوّلنا ان نصدر أحكام على الآخرين، هل نعي أننا اذا فعلنا ذلك:
أولاً:  نلهو عن خطايانا الكثيرة ولا نلتفت اليها فكيف نستطيع ان نتوب ونتخلّى عنها ونحن لا نريد ان نعترف بأنها  موجودة فينا كوننا لا نعي وجودها اذ أن نظرة الادانة تعمينا فلا نعود نتعرف الى طريق الخلاص في ربنا يسوع المسيح فيمسي موقفنا هذا حاملاً خطيئة دينونة الآخرين فوق أثقال خطايا فننزح تحتها ولا نقبل بالرب محرراً ايانا منها.
ثانياً:   نقيم أنفسنا حاجزاً بين رحمة الله والآخرين بينما تؤكد لنا الكلمة الالهية ان الله نفسه بيسوع المسيح، الاله المتجسد، صُلِبَ من أجلنا ومن أجل البشر أجمعين لكي يهدم حائط العداوة المتوسط بينه وبين البشر ويصالح الانسان، مع نفسه (أي مع الله) وتتم المصالحة بين الله وكل الناس دون استثناء عِبر جسد الهي طرح على صليب كجسر أقيم وثبّت بالدم الذكي بين الأرض والسماء -فهل نحاول هدم هذا الجسر الالهي بدينونتنا لاخوتنا ناسين الذي أُدين من أجل ذنوب لم يفعلها لكنه قبل الدينونة وهو الحمل البريء من الخطأ الرافع خطيئة العالم بأسره؟
ثالثاً:  ننسى تماماً ما قاله الرب انه “أتى ليدعو خطأة لا صدّيقين الى توبة” و “ان الأصحاء لا يحتاجون الى طبيب بل ذوي الأسقام” -ننسى أنه قال لنا “لا تدينوا لكي لا تُدانوا” ننسى تماماً كيف عامل زكّا الخاطئ المتلهف ان يراه “فصعد الى جميزته” لأنه كان قصير القامة ولكنه كان عازماً ان يتطلع اليه، فنظر اليه الرب واذ به يعطيه أكثر بكثير مما كان ينتظره، يؤكد له أنه يريد أن يدخل بيته ويروي لنا انجيل هذا النهار كيف حرّك هذا العرض شؤون وشجون المستمعين الذين أخذوا يدمدمون: “كيف يدخل ليبيت عند رجل خاطئ” لكن زكّا لم يلتفت الى ما يقوله الناس ولم يعد له أي تعلّق بالمال الذي كان سبب خطاياه فتعرّى منه كلياً شاعراً برحمة الرب التي ألبسته ثوب النعمة الدافئ والمخلّص له ولأهل بيته.
ننسى تماماً كيف قبل الرب الزانية المثقلة بالخطايا فغفر لها كثرة خطاياها لأنها أحبّت كثيراً، ننسى تماماً كيف بطرس الهامة جحد الرب يسوع وأنكر أن يكون من تلاميذه لكنه بكى بكاءً مراً، فأعلن الملاك المبشّر بالقيامة أن الرب ينتظره مع الرسل الآخرين في الجليل منطلقهم الأول وانتظر أن يسمع السؤال المتكرر ثلاثاً (كالجحود) هل يحبه بطرس فيأخذ منه السلطان المعطى لبقية الرسل أن يرعوا خرافه الناطقة.
هل ننسى ما كان يعمله بولس الهامة الثانية عندما كان يفتك بالمسيحيين ظاناً أنه يعمل هكذا عملاً مرضياً لله، فانتظره الرب على أبواب دمشق لكي يعلن له انه كان يضطهده شخصياً عندما كان يحاول الاساءة الى المؤمنين به ولكنه يقبل توبته الآن فجعل منه الاناء المختار ليحمل كلمته بين الامم.
أيها الأحباء، أمامنا رحمة عظيمة من عند ربنا،
رحمة تشملنا وتشمل الآخرين،
رحمة تغفر خطايانا وتغفر خطايا الناس أجمعين،
رحمة أتت عالمنا بدم الحمل الذبيح ،
الاّ أبعدنا الله عن دينونة الآخرين وجعلنا نستقبله داخلاً بيتنا حاملاً صليبه مثبتاً خلاصه في وسط أرضنا للناس أجمعين. آمين.
مطران عكار وتوابعها
+بولس

نشرة البشارة
العدد 4 – في 28/1/1996
أحــد زكـّـــا

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share